وأما دليلهم الثاني فيجاب عنه بان الترك فعل فيكون عقاب مرتكب النهي على فعله.
ومما يدل على أن الترك فعل، قوله تعالى:{كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[المائدة٧٩].
وأما الثالث فهو يؤيد ما ذكرته، وهو أن الأمر بالشيء على الفور هو الذي يقتضي النهي عن الضد، والفورية لا تتحقق في الواجب الموسع قبل ضيق الوقت.
وأما أدلة المانعين مطلقا فيجاب عنها بما يلي:
قولهم: الضد مسكوت عنه. يجاب بأن دلالة الأمر على النهي عن الضد هي دلالة اقتضاء، وليست دلالة وضع، والمقتضى مسكوت عنه، ولكن دل عليه دليل من العقل أو الشرع أو العرف.
وقولهم: إن الآمر قد يكون غافلا عن الضد. يجاب بأن هذا قد يقال في حق الآمر من البشر، ولا يقال إذا كان الآمر هو الله، وأما إذا كان الآمر من البشر فيجاب بأن الأمر عندنا ليس من شرطه إرادة الآمر. فدلالته تحصل وتفهم سواء أرادها الآمر من البشر أم لا.
وأما قول السرخسي والبزدوي: إنه يدل على كراهة الضد؛ فإن كان المقصود بالكراهة كراهة التحريم فمسلم؛ لأننا لا نقول إنه يدل على التحريم قطعاً. وإن كان مرادهم الكراهة التنزيهية فممنوع.
وقولهم: إن دلالة الاقتضاء أضعف من دلالة النص، لا يدل على أن مدلولها لا يصل إلى درجة التحريم، فإن التحريم درجات من حيث طريق ثبوته.