للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومثله قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة٦]، فإنها مؤولة عن ظاهرها، والمقصود: إذا أردتم القيام للصلاة؛ لأن الوضوء يسبق القيام للصلاة.

ومثال التأويلات الباطلة: تأويل الحنفية حديث غيلان عندما أسلم وتحته عشر نسوة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أمسك منهن أربعا وفارق سائرهن» (أخرجه مالك والدراقطني وابن حبان) على أن المراد: أمسك الأربع الأول منهن، أو على أن المراد ابتدئ نكاح أربع منهن.

ومما يبطل هذا التأويل أن الشبهة التي استندوا إليها لا تقوى على ترجيح ما ذكروه من احتمال بعيد؛ لأنهم قالوا: إن المتأخرات نكاحهن باطل فلا يجوز أن يختار منهن أحدا إلا بعقد جديد.

والجواب: عن هذا أن الرجل الذي جاء الحديث في شأنه حديث الإسلام ولا يعرف شروط النكاح وأركانه، ولو أراد النبي صلى الله عليه وسلم اشتراط أن تكون الأربع هن المتقدم نكاحهن لبين له ذلك، ولَمّا سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن بيان ذلك عرفنا أن الأمر متروك لاختيار الزوج.

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقر الكفار الذين أسلموا على أنكحتهم ولم يغيرها ولم يأمر بتجديدها مما يدل على أن الفرقة لم تحصل بمجرد الإسلام؛ إذ لو حصلت لم يخير.

وكذلك تأويلهم حديث: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل» (أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي)، بأن المراد بها الصغيرة أو الأمة أو المكاتبة، ولا يخفى بعد هذا الاحتمال.

<<  <   >  >>