للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويمكن أن يعبر عن هذا بأن الأصل إجراء العام على عمومه والمطلق على إطلاقه.

وقد خرجوا على ذلك ما لا يحصى من المسائل الأصولية والفرعية، والمتتبع لاستدلال الأصوليين والفقهاء يجد أنهم يعولون على هذه القاعدة كثيرا.

وأما الشق الثاني من القاعدة وهو المختلف فيه فقد انبنى على الخلاف فيه اختلاف في مسائل أصولية مهمة، ولكن الذين رتبوا تلك المسائل على هذا الخلاف قلة من الأصوليين، وأهم هذه المسائل هي:

الخاص المتأخر عن العام هل يعد مخصصا أو ناسخا لما يقابله من أفراد العام؟

فالحنفية منعوا تأخير البيان ورتبوا على ذلك أن الدليل الخاص المتأخر عن العام زمنا يمكن فيه العمل بالعام يعد ناسخا لا مخصصا، وعلى ذلك يشترط فيه ما يشترط في الناسخ. ومعلوم أن خبر الآحاد لا يصلح ناسخا للقرآن عند الأكثر، فلو كان الخاص خبر آحاد متأخرا لم يجز العمل به عندهم؛ لأنه لا يصلح مخصصا ولا ناسخا.

والجمهور أجازوا تأخير البيان إلى وقت الحاجة، و لهذا أجازوا أن يكون الخاص المتأخر مخصصا للعام المتقدم، ما لم يعمل بالعام في عمومه، فإن عمل بالعام في عمومه عد الخاص المتأخر ناسخا واشترط فيه ما يشترط في الناسخ.

وهذه المسألة يبحثها أكثر الأصوليين بحثا مستقلا، عند الكلام عن التخصيص وشروط المخصص، فيذكر أن الحنفية يشترطون في المخصص أن يكون مستقلا مقارنا، ومعنى قولهم: (مقارنا) أي: غير متأخر عن العام زمنا يكفي لإيقاع الفعل فيه.

<<  <   >  >>