وحجتُهم: أنه إذا لم ينظرْ في المسألة الجديدة يكونُ مقلِّداً لنفسه.
وأيضاً فإن الاجتهادَ كثيراً ما يتغيّرُ بمعاودة النظر، فلا يأمنُ أنْ يكونَ الحقُّ في غير ما أفتى به أولاً.
القولُ الثاني: عدمُ وجوب إعادة النظر.
وهو قول بعض الحنابلة، وبعضِ الشافعية، وبعضِ الحنفية، واختاره ابنُ الحاجب، وابنُ الساعاتيّ، وصحّحه المطيعيّ في سلّم الوصول.
وحجّتهم: أن الأصلَ عدمُ تغيُّر الاجتهاد، فيجوزُ البناءُ عليه.
وأيضاً فإنه لو أُمرَ بتجديد الاجتهاد لكان إيجاباً من غير دليلٍ.
والثالث: أنه إنْ كان ذاكراً لطريق اجتهاده السابق فلا يجبُ عليه معاودةُ النظر، وإنْ كان ناسياً وجب عليه معاودةُ الاجتهاد والنظر.
وهو قول المحققين من الأصوليين، واختاره أبو الحسين البصريّ، وابنُ السَّمعانيّ، وأبو الخطّاب، والرازيُّ، وابنُ الصلاح، والنوويُّ، والآمديُّ، والبيضاويُّ، والسبكيُّ، والمرداويُّ، والشوكانيُّ. وهو الراجح.
دليله: أن المجتهدَ إذا كان ذاكراً لدليله السابق، ولم يظهرْ له ما يُعارضه، فهو باقٍ على اجتهاده السابق، ولا يجبُ عليه تجديدُ البحث؛ لأنه لا موجبَ له.
وأما إذا نسيَ دليلَه السابقَ فإنه لو حكم بما حكم به أولاً من غير نظرٍ كان كالمقلِّد؛ لأنه أخذ قولاً لا يعرفُ دليلَه.
والمجتهدُ لا يجوزُ له أنْ يقنعَ بالتقليد مع قدرته على النظر والاجتهاد.
وأدلّةُ الموجِبين تُحمَلُ على حالة النسيان؛ لأنه مع ذكر الدليل لا حاجةَ