للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة، وهو ما يُسمّيه بعضُهم: «إحداث قولٍ جديدٍ».

وقد سبق الكلامُ عن هذه المسألة في الإجماع، وبيانُ ما فيها من الخلاف.

وقد يُطلَقُ التلفيقُ على فتوى المجتهد بقولٍ مركَّبٍ من قولين مع عدم اعتقاد رُجحانه، وإنما يُفتي به تخليصاً للمستفتي من ورطةٍ وقع فيها. وهذا يدخلُ فيما يُسمّى بـ (مراعاة الخلاف).

والصحيحُ: أن المجتهدَ إذا رأى أن هذا القولَ أرجحُ في حقّ هذا المستفتي مراعاةً ليُسر الشريعة، ورفعاً للحرج، فيكونُ قد ترجّحَ عنده القولُ في هذه الصورة بخصوصها، وفتواه حينئذٍ صحيحةٌ.

وأما إذا كان يرى أن الصورةَ المعروضةَ عليه فيها قولٌ آخَرُ أرجحُ فليس له تركُه والفتوى بالمرجوح.

أما التلفيقُ بالمعنى المشهور، وهو: «الإتيانُ في مسألةٍ واحدةٍ بكيفيةٍ لا يقولُ بها أحدٌ من المجتهدين السابقين»، فقد اختُلف في جوازه. وهو قد يقعُ من المقلِّد بقصدٍ أو بغير قصدٍ.

فإنْ وقع بغير قصدٍ: فلا شكَّ في جوازه؛ للإجماع على أن له أنْ يعملَ برأي مَن استفتاه، ولا يمتنع أنْ يستفتيَ شافعياً في الوضوء ويستفتي مالكياً في نقض الوضوء، ثم يُصلي بوضوءٍ لم يُعمِّمْ فيه مسحَ الرأس ولا أكثره، وقد مسَّ امرأةً أجنبيةً.

وأما إنْ كان التلفيقُ مقصوداً: فإما أنْ يحصلَ من مجتهدٍ أو مقلدٍ.

فإنْ حصل التلفيقُ من مجتهدٍ فيفرَّقُ بين أنْ يرى رجحانَ القول الجديد المركَّب الذي أداه إليه اجتهاده إما مطلقاً أو في هذه الصورة التي استُفتي فيها، أو أنه لا يرى رجحانَه حتى في هذه الصورة.

<<  <   >  >>