للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله جل وعلا.

وأما حقوق الآدميين فلا تسقط بالإكراه؛ لأن إيجابها من باب الربط بين الأسباب ومسبباتها. وسيأتي بيان للمسألة في موانع التكليف.

٥ - العلم بالتكليف:

فمن لم يعلم بالتكليف لا يُعدُّ مكلفاً، قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء ١٥]، والحكمة من بعثة الرسل تعليم الناس حكم الله تعالى، ومفهوم الغاية في هذه الآية يدل على أنه بعد بعثة الرسل يمكن مؤاخذة المكلفين على تقصيرهم وتفريطهم.

والتكاليف الشرعية منها ما لا يعذر أحد بجهله بعد الدخول في الإسلام؛ لكونها مما علم من الدين بالضرورة، مثل وجوب الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وتحريم الزنا، والكذب، والظلم، ونحو ذلك.

فهذه الأحكام من ادعى الجهل بها من المسلمين إما أن يكون كاذبا في دعواه أو يكون مفرطا ومضيعا لدينه؛ لأن العلم بها يقارن العلم بالإسلام.

والصنف الثاني من الأحكام يمكن أن يجهلها المسلم لعدم اشتهارها أو لغموض أدلتها أو لحاجتها إلى نظر واستنباط، مثل حرمة بيع العينة، وبعض أنواع البيوع التي قد يجهلها الإنسان العادي، وبعض أحكام الطهارة كالمسح على الخفين، وبعض أحكام الصلاة كصلاة المسبوق وصلاة من لا يجد ما يستره، وبعض أحكام الزكاة كزكاة الحلي وأنصبة الزكاة، وبعض أحكام الصوم كاستعمال الإبر المغذية ونحوها.

فهذا النوع من الأحكام يعذر الجاهل بدعوى الجهل به فلا يلحقه إثم بما فعله أو تركه مما يخالف حكم الله، ولكن يجب عليه استدراك ما فاته إذا علم

<<  <   >  >>