معلوم المقدار وعُلِم الأمر به من بعض المكلفين صح التكليف به، ويجب على من جهل مقداره أن يطلب العلم به من أهله، وأما مؤاخذة كل مكلف بتقصيره فكما تقدم، تختلف باختلاف اشتهار التكليف به وعدمه، فيعذر في جهل بعض الأفعال دون بعض كما تقدم، ويعذر حديث الإسلام، ومن عاش ببادية فيما لا يعذر به غيره.
٢ - أن يكون معدوماً:
ومعناه أن يكون غير حاصل حال الأمر به إن كان مأمورا به؛ وذلك لأن الحاصل لا يمكن تحصيله، فمن صلى الفجر لا يؤمر به بعد فعله، وهذا الشرط لا ينطبق إلا على المأمور به، أما المنهي عنه فيمكن أن يكون معدوما كما ينهى المسلم عن الزنا وهو لم يرتكبه، وعن الكذب وهو لم يكذب، ويكون موجودا كما ينهى الكاذب عن الكذب، وشارب الخمر عن شربه، مع مباشرته للفعل المحرم، ولم أجد من نبه على اختصاص هذا الشرط بالمأمور به مع ظهوره لمن تأمله، وقد يقال: إن النهي عن الفعل المستقبل ـ وهو معدوم ـ لا عن الموجود الواقع، والأول أظهر.
٣ - أن يكون ممكناً:
ومعنى الإمكان أن لا يكون واجب الوقوع ولا ممتنع الوقوع عقلا، وخالف الأشعرية فأجازوا التكليف بالمحال، واختلفوا في وقوعه في الشرع، وأكثرهم لا يرى وقوعه.
ومحل النزاع هو المستحيل عقلا كالجمع بين الضدين، أو عادة كالصعود إلى السطح بلا سلم، أو ما يقوم مقامه.
أما المستحيل لتعلق علم الله الأزلي بعدم وقوعه فلا خلاف في جواز التكليف به ووقوعه، والصواب أنه لا يسمى مستحيلا؛ لأنه ممكن بمقتضى