متمكن من الصبر على الأذى الذي هدد به. ويبقى الإكراه الملجئ باصطلاح الحنفية وهو ما كان التهديد فيه بقتل أو قطع طرف أو جرح أو ضرب مؤلم ونحو ذلك ممن يمكنه فعل ما هدد به.
فهذا مختلف فيه على أقوال:
القول الأول: أن الإكراه لا يمنع التكليف وهو مذهب الشافعية والحنفية وجمهور الأصوليين، ولكن الحنفية يعبرون بعبارة أخرى وهى قولهم:«لا يؤثر في أهلية الوجوب ولا في أهلية الأداء» لأنهم لا يعبرون بالتكليف.
القول الثاني: أنه يمنع التكليف بما يوافق مراد الشارع ولا يمنع التكليف بنقيضه، وهذا مذهب أكثر المعتزلة. ومعناه أن من أكره على فعل مراد للشارع فَفَعَله لأجل الإكراه لا يعد مكلفا فلا يثاب على هذا الفعل. وإن امتنع يعد مكلفا فيعاقب على الترك، وإن أكره على فعل يخالف مراد الشارع كالزنا وسب الرسول صلى الله عليه وسلم فإن امتنع فهو مكلف ويثاب، وإن فعل فليس بمكلف، فلا يعاقب.
والسبب في هذا القول أنهم يربطون بين التكليف والثواب والعقاب، فحيث وجد التكليف فلا بد من الثواب أو العقاب، وحيث عدم التكليف فلا ثواب ولا عقاب.
والجمهور مع قولهم إن الإكراه لا يمنع التكليف لا يقولون إن المكره يؤاخذ على كل ما يقوله أو يفعله؛ لأن التكليف عندهم الخطاب بأمر أو نهي، والمكره مخاطب، وكونه مخاطبا لا يلزم منه حصول الثواب أو العقاب ولا يلزم منه صحة جميع تصرفاته، والحكم الفقهي لما يفعله المكره فيه تفصيل على النحو التالي:
١ - الإكراه بحق على بيع ماله لسداد الغرماء أو على عتق عبده، ونحو ذلك