ذباباً، فقرب ذباباً فدخل النار. (أخرجه ابن أبي شيبة من حديث سلمان - رضي الله عنه -)
والصواب عدم مؤاخذته، وهذا الحديث لا دليل فيه على مسألتنا؛ لأن الرجل الذي قرب ذبابا قربه مختارا طائعا بدليل أنه علل عدم التقريب للصنم بعدم وجوده ما يقربه، ولم يعلله بالتحريم والخوف من غضب الله جل وعلا.
ويمكن أن يجاب بأن هذا في شرع من قبلنا وقد جاء شرعنا بخلافه فأباح لنا النطق بكلمة الكفر مع طمأنينة القلب فقال تعالى:{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا}[النحل ١٠٦]، وقال صلى الله عليه وسلم:«إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»(أخرجه ابن ماجه) ولا فرق بين الأقوال والأفعال الكفرية.
٢ - قتل المعصوم أو جرحه أو قطع طرف من أطرافه، والإكراه لا يبيح ذلك باتفاق؛ فالفاعل يأثم باتفاق، وهل يقتص منه؟ اختلف في ذلك، فقيل: يقتص من المكرَه، وقيل: يقتص من المكرَه والمكرِه، وقيل: يُقتص من المكرِه (بالكسر) فقط، وقيل: يسقط القصاص، والصواب الاقتصاص من المكرَه (بالفتح).
٣ - الزنى: والإكراه عليه لا يبيحه باتفاق، واختلفوا في إقامة الحد على المكره، والصواب أنه لا حد عليه؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات، والإكراه شبهة قوية، وأما المكرِه فلا حد عليه باتفاق.
وفرق بعضهم بين المرأة والرجل، فقال إذا أكرهت المرأة على الزنى فلا إثم عليها، وإن أكره الرجل ففعل فعليه الإثم؛ لأن زناه لا يكون إلا باختياره؛ إذ لا جماع بغير شهوة وانتشار، فإن حصل منه ذلك كان مطاوعا مختارا.
وبهذا يتبين أن قول جمهور العلماء: «إن المكرَه مكلفٌ، وإن الإكراه لا يمنع