للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم الاستنابة في حج التطوع والنذر والقضاء]

وهل تجوز الاستنابة في حج التطوع أم لا؟ هذا مختلف فيه، لكن في حجة الفريضة اتفقوا على أنه لا يحج الفريضة إلا عن إنسان ميت أو معضوب، فهم نظروا في الفريضة إلى أنه إما أن يحج بنفسه، وإن كان معضوباً لا يقدر على ذلك فإنه يستنيب غيره لهذه العلة أو لهذا العذر، لكن في حج التطوع جاء عن أبي حنيفة ورواية عن مالك وهو قول أبي ثور: أنه يجوز للإنسان في حج التطوع أن يستنيب غيره، كما لو حج إنسان عن نفسه الفريضة ثم أجر إنساناً بعد ذلك ليحج عنه وهو قد حج عن نفسه الفريضة.

ولكن الحج عبادة بدنية، والأصل أن العبادة البدنية يقوم بها الإنسان بنفسه ولا يقوم غيره عنه إلا لعذر يجوزه الشرع، وقد جوز الشرع في الحج الاستنابة في حالة الإنسان المعضوب، وكذلك في المتوفى.

وحجة الفريضة وحجة النافلة هذا حج وهذا حج، وهذه عبادة وهذه عبادة، ولا فرق بينهما إلا أن هذه فريضة غير التطوع، فإذا تلبس بها الحاج صارت عليه فريضة حتى لو كانت تطوعاً، فإذا تلبس بالحج لزمه أن يكمل الحج ويتمه كما أمر الله سبحانه، فعلى ذلك هذا الحج في التطوع حكمه حكم الفريضة، فلا يستناب فيه إلا عن ميت أو معضوب.

وكذلك الحجة الواجبة بقضاء أو نذر يجوز النيابة فيها عن الميت، فمن كان عليه قضاء الحج، كمن حج حجة وأفسدها ثم توفي فعليه قضاء، فأخرجوا من ماله من يحج عنه جاز ذلك.

إذاً: الحجة الواجبة بالقضاء أو النذر لمن توفي وكان عليه نذر أو قضاء ومات قبل أن يحج فيستناب عنه من يقوم مقامه كحجة الإسلام.

ولو لم يكن للميت مال ولا لزمه حج لعدم الاستطاعة، فالراجح أنه يجوز الإحجاج عنه، وصورة المسألة: أن المتوفى الذي لم يجب عليه الحج، فهل لابنه أن يحج عنه أو يستنيب من يحج عنه؟ نقول: ما جاز في الإنسان الذي عليه الفرض جاز في غيره؛ لما في حديث المرأة التي قالت: إن أمي لم تحج قط، فلم تقل: وجب عليها أو لم يجب عليها الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>