اختلف العلماء هل هذا النسك سنة أم واجب أم ركن من الأركان؟ والخلاف هنا مع الاتفاق على أن هذا شعيرة من شعائر الحج ونسك من مناسك الحج وعبادة من العبادات.
والصحيح أنه واجب على غير المعذور، وليس بركن، فلو تركه صح حجه وعليه دم، فكل من يترك واجباً من الواجبات فعليه دم، أما المعذور فله عذره، فلو خرج الحجيج من عرفات راكبين السيارات وهم مرضى وضعاف وتعطلت بهم سياراتهم في الطريق وما وصلت المزدلفة إلا مع الفجر، فنقول: هؤلاء معذورون.
ومثال آخر: إنسان أحرم بالحج وتاه في الطريق ولم يصل إلى عرفات إلا قبل الفجر بلحظات، فنقول: هذا معذور ولا شيء عليه.
إذاً: المبيت بمزدلفة ليس بركن على الراجح، ولو تركه بدون عذر صح حجه وعليه دم، قال ابن قدامة: المبيت بمزدلفة واجب من تركه عليه دم، وهو قول عطاء، والزهري، وقتادة، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبي ثور وأصحاب الرأي، فجمهور العلماء على أن المبيت في مزدلفة واجب وأن من تركه فعليه دم.
وقال بعض أهل العلم ومنهم علقمة والنخعي والشعبي: من فاته جمع فاته الحج، فهؤلاء ذهبوا إلى أنه ركن من أركان الحج، فمن فاته جمع فاته ركن من أركان الحج وفاته الحج؛ لأن من الأركان ما يستدرك ومنها ما لا يستدرك، فالوقوف بعرفة ركن لا يستدرك، فإذا فات عرفة فات الحج، ومن فات عليه الحج فعليه أن يهدي وعليه الحج بعد ذلك، والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ركن يستدرك، فمن فاته لزمه أن يرجع مرة أخرى ليأتي بهذا الركن، والمزدلفة على القول بأنها ركن تفوت ولا تستدرك.