للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تحريم الجماع والمباشرة بشهوة على المحرم]

ويحرم عليه الوطء في الفرج؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة:١٩٧] قال ابن عباس: الرفث: الجماع.

ويجب بالجماع الكفارة، وهذا مروي عن علي بن أبي طالب وعن ابن عباس، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عن الجميع، فقد جاء عنهم أنهم أوجبوا الكفارة في ذلك، وإذا كانت الكفارة تجب في حلق الشعر فمن باب أولى في الجماع الذي نص الله عز وجل على تحريمه في الحج.

وأجمعت الأمة على تحريم الجماع في الإحرام، سواء كان الإحرام صحيحاً أم فاسداً، فلو أن إنساناً أحرم إحراماً صحيحاً، وإنساناً أحرم إحراماً فاسدا، كما لو بطل أو فسد بالجماع فيه، وقلنا له استمر في الحج، فلا يجوز له أن يترك الحج، وإن كان فاسداً فإنه لا يجوز له أن يطأ زوجته مرة ثانية، ولكن يلزمه أن يستمر في الإحرام حتى ينتهي من مناسك عمرته، أو من مناسك حجه.

وتجب به الكفارة والقضاء إذا كان قبل التحللين في الحج، وأما العمرة فليس لها إلا تحلل واحد.

وسواء كان الوطء في القبل أو الدبر، من الرجل، والمرأة، والصبي، والبهيمة، وسواء وطء الزوجة والزنا والعياذ بالله.

ويحرم على المحرم أيضاً: المباشرة بشهوة، لأنه قال: (فلا رفث)، أي: لا جماع ولا مقدمات جماع، فيحرم عليه أن يمس أهله بشهوة، وهذا قيد، فلو أنه سلم على امرأته فهنا لا توجد شهوة، لكن الاحتضان، والتقبيل بشهوة هو الذي يحرم عليه أثناء الإحرام.

ومتى باشر عمداً بشهوة لزمته الفدية، والمباشرة ليست جماعاً، فالجماع ينص عليه أنه وطء أو جماع، لكن المباشرة مأخوذة من البشرة، والبشرة: الجلد، وسميت بذلك لأنه مس جلده جلدها بشهوة، فمتى فعل ذلك وجبت عليه الفدية، والفدية في ذلك: شاة، أو بدل الشاة من الإطعام أو الصيام.

ولا يفسد نسكه بالمباشرة بشهوة بلا خلاف، وإنما الذي يفسد النسك هو الجماع، والردة والكفر والعياذ بالله، فالمباشرة بشهوة لا تفسد النسك، سواء أنزل أم لا.

وهذا كله إذا باشر عالماً ذاكراً الإحرام، أما إذا كان ناسياً فالراجح أنه لا شيء عليه؛ لأنه استمتاع محض فلا تجب فيه فدية مع النسيان.

أما اللمس بغير شهوة فليس بحرام، فإذا سلم على امرأته أو لمسها ونحو ذلك فليس فه شيء ولا هو حرام أصلاً.

أما الاستمناء باليد أثناء الإحرام فهو أصلاً في غير الإحرام حرام، فيكون في الإحرام حراماً من باب أولى، وإذا فعل ذلك فنزل منه المني فعليه الفدية: وهي أن يذبح شاة ويفرقها على مساكين الحرم.

وكذلك تلزمه الفدية إذا قبل امرأته بشهوة، ولو أنه قبل صبياً أمرد جميلاً بشهوة في أثناء إحرامه وجبت عليه الفدية، لأنه حرام كحرمة تقبيل المرأة بشهوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>