للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مشروعية فسخ الحج إلى عمرة لمن لم يسق الهدي]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

أما بعد: صفة الحج: يستحب للمحرم بالحج أن يدخل مكة قبل الوقوف بعرفات، وهذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسائر السلف والخلف.

ويستحب إذا وصل إلى الحرم أن يستحضر في قلبه ما أمكنه من الخشوع والخضوع بظاهره وباطنه، ويتذكر جلالة الحرم ومزيته على غيره، ثم يأتي بمناسك العمرة على ما فصلناه في كتاب العمرة.

والمتوجه إلى الحج في أشهر الحج: إما أن ينوي أن يتمتع بالعمرة إلى الحج، أو ينوي الإفراد -إفراد الحج- أو ينوي القران بين العمرة والحج، فالمتوجه إلى هنالك يحرم من مكان الإحرام، ويلبي بما أراد أن يهل به: لبيك عمرة، أو لبيك حجة وعمرة، أو لبيك حجة، فيحرم بهذا النسك عن نفسه أو عن غيره، فيقول: لبيك عمرة عن فلان، أو لبيك عمرة ويقصد بها عن نفسه.

فيفعل أفعال العمرة إذا كان متمتعاً، والمتمتع سيصل إلى البيت فيطوف بالبيت ثم يسعى بين الصفا والمروة، ويتحلل بمناسك العمرة كما قدمنا قبل ذلك.

إذا انتهى المحرم من السعي بين الصفا والمروة، فإن كان معتمراً متمتعاً فليحلق رأسه أو يقصر، فإذا فعل ذلك صار حلالاً تحل له النساء وكل شيء كان يحرم عليه بالإحرام، سواء ساق هدياً أم لا، والقيد هنا: لا بد أن يسوق الهدي وينوي عمرة، بخلاف ما لو ساق الهدي ونوى حجاً ولبى بالحج: لبيك اللهم حجاً، فهنا لا يجوز له أن يفسخ إلى عمرة طالما أنه ساق معه الهدي ولبى بحجة مفردة، وإذا كان قارناً بين العمرة والحج، وساق معه الهدي فليس له أن يفسخ، إنما الذي يجوز له أن يفسخ الحج إلى عمرة هو الذي لم يسق الهدي.

كذلك من ساق الهدي ولبى بالعمرة، فهذا لم ينو أصلاً حجاً إنما نوى عمرة، فعلى ذلك بعدما ينتهي من مناسك العمرة له أن يتحلل.

إذاً: يجوز للمفرد والقارن اللذين لم يسوقا الهدي أن يفسخا الحج إلى عمرة، فيتحللان فيصيران متمتعين بالعمرة إلى الحج، والمفرد والقارن إذا لم يكن معهما الهدي سواء طافا بالبيت أو لم يطوفا، فالأفضل إذا كانا ينويان الفسخ فليكن قبل الطواف بالبيت.

وإذا أراد أن يعتمر ما بين عمرته وحجته فالراجح أنه يجوز له ذلك، فلو فرضنا أنه قدم بعمرة في شهر شوال مثلاً، ثم اعتمر ونوى أن يمكث حتى الحج، وبعدما مكث أسبوعاً أو أسبوعين أو ثلاثة أسابيع أحب أن يعتمر، فالراجح أن له أن يعتمر إذا طال شعره بحيث إنه يمكن أن يقصر منه، أو يمكن أن يحلق شعره، فيجوز له أن يعتمر مرة أو أكثر على الراجح في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>