من صور الإحصار أو الحصر: أن يطلب منه مال ويمنع من الدخول إلى أن يدفع المال بغير حق، فله ألا يدفع وأن يتحلل؛ لأنه محصر بذلك, ولا فرق في جواز التحلل بالإحصار بين أن يكون الإحصار قبل الوقوف بعرفة أو بعده, فلو أن الحجاج وقفوا بعرفة وبعد ذلك منع إنسان من الحج وأرجع إلى بلده ولم يكمل المناسك فهذا حصر وإحصار، وكان قد أتى بأعظم الأركان وهو الوقوف بعرفة, أو كان قبل ذلك فله أن يتحلل وأن يرجع, فهو هنا قد أحصر عن باقي أعمال الحج كالطواف بالبيت، أو السعي بين الصفا والمروة وغيرهما، فإنها تجبر بدم, فإذا تيسر له أن ينتظر ويأتي بها لزمه ذلك، وإن لم يتيسر فله أن يتحلل إذا استحال الأمر، ويرجع إلى بلده، وعليه أن يأتي بعد ذلك مرة أخرى بما بقي عليه من طواف ومن سعي.
وإذا كان الإحصار بعد الوقوف، فإن تحلل فذاك، وله البناء على ما مضى إذا زال الإحصار بعد ذلك, وإن لم يتحلل حتى فاته الرمي والمبيت، فيرجع إلى وجوب الدم لفواتهما كغير المحصر, وكذا لو ظل منتظراً ولم يتحلل إلى أن فاته المبيت بمنى ورمي الجمرات فيجبر ذلك بدم, وإذا تحلل بالإحصار الواقع بعد الوقوف فلا قضاء عليه؛ لأنه أتى بأعظم الأركان وهو الوقوف بعرفة, ولكن لابد أن يأتي بالطواف وبالسعي حتى لو رحل إلى بلده، فيلزمه في يوم من الأيام بعد ذلك أن يكمل ما بقي عليه منهما.
أما لو صد عن عرفات فكأنه لم يأت بالحج، فيفسخ الحج إلى عمرة ويأتي بأعمال العمرة, ولو منع من العمرة والحج رجع وكان قد اشترط فلا شيء عليه, وإن لم يكن قد اشترط فيلزمه الهدي.