في الصحيحين عن جابر رضي الله عنه قال: ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم، فقلنا: لا نكنيك أبا القاسم ولا كرامة.
فأبو القاسم هذه كنية النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نهاهم أن يتسمى إنسان باسمه ويتكنى بكنيته، فهو أخذ اسم النبي صلى الله عليه وسلم وله أيضاً كنيته، وعند نداء النبي فمن الأدب معه صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى:{لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}[النور:٦٣]، فلا تقل: يا محمد تعالى، فهذا لا يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقل هو ذلك عن نفسه، وإنما الله عز وجل قال:{لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}[النور:٦٣]، فقد كان بعضهم يفعل ذلك فينادي رجلاً ثم يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول: لا أعنيك لا أعنيك، وهذا ليس من الأدب، ولذلك تسم على اسم النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تتكنّ بكنيته، وهذا في حياته احتراماً له صلى الله عليه وسلم، حتى لا يأتي إنسان ينادي ويرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول: لا أقصدك، أنا أنادي على ابني، أو لعله يشتم ابنه فيسمعها النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ليس من الأدب، ولذلك نهاهم الله عز وجل أن ينادى الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بأن يقولوا: يا أبا القاسم! يا رسول الله! يا نبي الله عليه الصلاة والسلام، فإذا كنى إنسان منهم نفسه بكنية النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يحدث غلط؛ لأن الأعراب حين يأتون إلى المدينة ويسمعون المنادي يقول: يا محمد، حينها يختلط الأمر، إنسان ينادي ابنه وإنسان يناجي النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يعرف الأدب معه، فنهاهم صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
أما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فيجوز للإنسان أن يتسمى باسم النبي صلى الله عليه وسلم، ويكتني بكنيته عليه الصلاة والسلام.
فالصحابة لما ولد لرجل منهم غلام وسماه القاسم قالوا: لا نكنيك أبا القاسم ولا كرامة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال:(سم ابنك عبد الرحمن)، والنبي صلى الله عليه وسلم أبو القاسم، فالله يعطي وهو يقسم بين الناس صلوات الله وسلامه عليه.
في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه:(أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى ابن أبي طلحة عبد الله)، يعني: ولد لـ أبي طلحة غلام، وأرسله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسماه عبد الله، وسمى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم على اسم أبي الأنبياء على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وإبراهيم كلمة سريانية معناها أب رحيم، فهو أبو الأنبياء والرسل من بعده عليه الصلاة والسلام، وهو غاية في الرحمة والشفقة بخلق الله عز وجل.