[إذا وجبت الفدية على الصبي فهل تكون في مال الصبي أو في مال الولي؟]
اختلف العلماء في الفدية إذا وجبت هل تكون في مال الصبي أو في مال الولي؟ بمعنى: لو أن الصبي عمل شيئاً فنقول للولي: كيف عمل الصبي ذلك وأنت معه؟ ولماذا لم تمنعه؟ فإذا وجدته فتركته يصنعها فمن مالك أنت، فإذا رأيته يقص شعره وأنت تشاهد ذلك فيلزمك أنت الفدية من مالك، وإذا وجدته يأخذ الطيب ويضعه وأنت تسكت عن ذلك فيلزمك الفدية في ذلك من مالك، فالأصح: أنها في مال الولي، وهذا مذهب الإمام مالك، هذا إذا أحرم بإذن الولي، وهي كالفدية الواجبة على البالغ بفعل نفسه، فإن اقتضت صوماً أو غيره فعله وأجزأه، وإذا كان الصبي مخيراً في الفدية بين أشياء منها الصوم فصام الصبي أجزأه ذلك، فإن أحرم الصبي بغير إذن الولي فالفدية في مال الصبي، فلو أن صبياً عمره اثنتا عشرة سنة وحج من غير إذن الولي كأن يكون من أهل مكة، وفي موسم الحج خرج مع الناس وحج ووقع في هذه الأشياء فتكون الفدية من ماله، إذا قتل صيداً أو نحو ذلك.
وإن كانت فدية تخيير بين الصوم وغيره واختار الصبي أن يفدي بالصوم صام ويجزئه؛ لأن صوم الصبي صحيح.
ولو أراد الولي في فدية التخيير أن يفدي عنه بالمال لم يجز؛ لأنه غير متعين فلا يجوز صرف المال فيه، فإذا كان في الفدية التخيير وطلب الصبي أن يصوم فقال الولي: سندفع المال؛ لم يجز ذلك، وليترك الصبي يصوم إذا كان المال غير متعين.
ولو طَيَّب الولي الصبي أو ألبسه أو حلق رأسه أو قلمه فهذه الأفعال من محظورات الإحرام، فالفدية في مال الولي؛ لأنه انتهك حرمة الإحرام، وكذا لو طيبه أجنبي أو حلق له شعره وهو محرم فالفدية في مال الأجنبي الذي فعل ذلك؛ لأن الإحرام مناسك وعبادة، ولا يجوز لأحد أن يتلاعب بالمناسك والعبادة، وإن فعل الولي ذلك لحاجة الصبي ومصلحته فالفدية في مال الصبي.
إذاً: الفدية في مال الولي وليست في مال الصبي إذا ألجأه الولي إلى التطيب، أو فوته الولي الحج، بمعنى: أنه بعد ما أحرم الصبي بإذن الولي وقبل أن يأخذه إلى عرفات أمره أن يخلع لباس الإحرام، ولم يتركه يكمل حجه، ومعلوم أن الحج عرفة، فلا بد من إكمال الحج، والذي انتهك هذا الإحرام لهذا الصبي هو الولي فالفدية في مال الولي.
إذاً: إذا ألجأه إلى التطيب أو فوت عليه الحج بأن حبسه بعد ما أحرم ومنعه من الوقوف في عرفة، أو منعه من فعل المناسك، والحج عرفة؛ فات منه الحج، وبسبب هذا الفوات يلزمه الدم في مال من فوت عليه الحج وهو الولي.
وإذا تمتع الصبي أو قرن فدم التمتع أو دم القران في مال الصبي، فإذا حج قارناً أو متمتعاً وله مال فيأخذ من ماله.