والولي الذي يجوز له عقد الإحرام عن الصبي هو الأب، وهذا الأصل في الولي، وكذلك الجد الصحيح عند عدم وجود الأب، والجد الصحيح: هو أبو الأب، والجد ليست له ولاية مع وجود الأب، فإذا وجد الأب فالولاية للأب، وكذلك يجوز للوصي والقيم، فللحاكم أن يعين إنساناً قيِّماً على الصبي الصغير، أو الوصي الذي أوصى إليه أبوه قبل أن يموت فقال: يا فلان، أنت وصيي على هذا الصبي، افعل به كذا وكذا، فالوصي والقيِّم يجوز لهما أن يعقدا الإحرام عن الصبي.
أما الأم والإخوة والأعمام وسائر العصبات فليس لهم ذلك إذا لم يكن لهم وصية، فالأم إذا أوصى الأب إليها، أو أذن الحاكم لها في ذلك، إذ إنَّ الأم هي المتصرفة في مال الصبي وهي أشفق من يقوم بذلك على هذا الصبي، فإذا أذن لها الحاكم في التصرفات المالية على الصبي فلها ذلك، وليس هذا لكونها أمه، ولكن لكونها وصية.
إذاً: الأم عندها رحمة وشفقة، لكن الولاية المالية للولي الذي هو الأب أصلاً، والأم يكون لها ذلك إذا كان بإذن الحاكم، فيكون للأم الولاية أو جعلها وصية على مال الصبي أو قيمة.
والأم والإخوة والأعمام وسائر العصبات ليس لهم ذلك إذا لم يكن لهم وصية أو إذن من الحاكم في ولاية المال، فإن أحرمت أمه عنه، فالراجح: أنه يصح والمفترض على هذه المقدمة أنه لا يصح، ولكن كيف نقول لا يصح والنبي صلى الله عليه وسلم قال:(له حج ولك أجر)؟ فعلى ذلك فإن الأم التي رفعت صبيها للنبي صلى الله عليه وسلم وسألت:(ألهذا حج؟ قال: له حج ولك أجر) دلَّ على أنها مأجورة على ذلك، فإذا كانت هذه حجت للصبي من مالها، فله حج ولها أجر على ذلك، وإن كانت حجَّت للصبي من ماله، وكانت هي القيمة على ماله أو الوصية عليه، فكذلك له أجر على ذلك ولها أجر.