من المسائل التي سنذكرها: إذا مات الأجير في أثناء الحج له أحوال: الصورة الأولى: أن يموت بعد الشروع في الأركان وقبل الفراغ منها: في هذه الحالة سيأخذ الأجير أجرة على هذا العمل، وطالما أنه سيأخذ الأجرة فلا بد من إكمال هذا العمل.
فإذا توفي هذا الأجير بعد الشروع في الأركان، وقبل الفراغ منها، فيستحق من الأجرة بقدر عمله، وبقدر سفره؛ لأنه عمل بعض ما استأجر عليه فوجب له قسطه، لكن على ورثة الأجير أن يستأجروا من يكمل الحج عن المستأجر، فإن أمكن ذلك في تلك السنة ببقاء الوقت فليفعل، وإن تأخر إلى السنة القابلة، فهنا يسقط الخيار وللمستأجر فسخ الإجارة.
إذاً: إذا مات بعد الشروع في الأركان وقبل الفراغ منها، وذلك بأن وصل وطاف طواف القدوم، وسعى بعد طواف القدوم، ولكن لم يؤد منسك الحج الأكبر وهو الوقوف بعرفة؛ لأنه مات قبل ذلك، فهذا الذي توفي لم يتم الحج لمن يريد أن يحج عنه، فعلى ورثة هذا الأجير أن يستأجروا من يكمل الحج عن الذي توفي، فيقف بعرفة ويكمل بقية المناسك، أو أنهم يؤجلون الحج إلى السنة القادمة، فيستأجرون من يحج عنه، لكن في هذه الحالة من حق المستأجر أن يفسخ هذه الإجارة، وتكون حجة الأجير المتوفي عن نفسه، ويأخذ المستأجر المال؛ لأنه لم يكمل عنه حجه، وسيحتاج أن يجعل من يحج عنه بأجرة من جديد.
الصورة الثانية: أن يموت بعد الشروع في السفر وقبل الإحرام: هذا الأجير أخذ أجرة على أنه سيحج عن فلان، وشرع في السفر، لكنه لم يحرم، فرضنا أنه ركب وقبل أن يصل إلى الجحفة مات هذا الأجير، فهذا يستحق من الأجرة بقدر ما سافر؛ لأنه لم يحج، بل لم يحرم.
الصورة الثالثة: أن يموت بعد فراغه من الأركان وقبل فراغه من باقي الأعمال: يكون الأجير قد أدى أركان الحج: الإحرام، الطواف، السعي، الوقوف بعرفة، يكون قد فعل الأركان كلها، وبقية المناسك التي لم يفعلها فيها دم، لكن لو كان هذا الإنسان يحج عن نفسه وتوفي قبل أن ينتهي من الأركان فلا يلزم أن يكمل عنه هذا الشيء؛ لأنه يبعث يوم القيامة ملبياً، وله أجره عند الله.
وهذه الصورة كأن يبقي عليه رمي الجمرات فهذا من الواجبات، والمبيت بمنى فهذا من الواجبات، فعلى الورثة أن يوكلوا من يذبح ويوزع اللحم على فقراء الحرم، فعليه دم مكان كل واجب من الواجبات التي تركها، لكن لو كان الوقت باقياً كأن توفي يوم العيد مثلاً بعدما طاف وسعى وبقيت عليه الواجبات، فاستنابوا أو وكلوا غيره يقوم بهذا الشيء، فجائز، ولا يشترط فيها الإحرام؛ لأنه قد تحلل من الإحرام، ولا يلزم الدم، ولا ينقص شيء من الأجرة؛ لأن الحجة قد تمت.