للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خدمة الرفقة ومساعدتهم وإعانتهم]

يسن مساعدة الرفيق وإعانته في أثناء الطريق، وأن تخدم من معك، وكم رأينا من أناس يحبون أن يقوموا بخدمة المجموعة في السفر، فقد سافرنا مع مجموعة من الإخوة جزاهم الله خيراً، كان أحدهم من أفضلهم خادماً للجميع، فمثل هذا يحبه الجميع ويتمنون لو سافروا معه مرة ومرتين وثلاثاً، فأنت حين تخدم إخوانك في السفر فإن الله عز وجل يجعل في قلبك الحب للغير، ويعطيك الأجر والثواب، ويجعل المحبة في قلوب الناس لك، فلذلك على المؤمن أن ينتهز الفرصة في الحج والعمرة بأن يكون في خدمة غيره، عبادة لله سبحانه، وقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الناس أنفعهم) فإذا كنت نافعاً لنفسك ولغيرك فأنت من خير الناس.

وفي الحديث: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، وقال صلى الله عليه وسلم: (كل معروف صدقة)، وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلة له، فجعل يصرف بصره يميناً وشمالاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان معه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له، فذكر من أصناف المال ما ذكره، حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل).

هذا رجل جاء على راحلة له فجعل ينظر يميناً وشمالاً، ففهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه محتاج لمعونة، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يحرج الرجل ولم يقل له: ماذا تريد؟ ولا قال لبعض الصحابة: يا فلان أعطه كذا، فقد يرون ذلك فرضاً عليهم وليس معهم، ولكنه قال قولاً عاماً: (من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان معه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له).

وفي حديث آخر لـ جابر بن عبد الله: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يغزو فقال: يا معشر المهاجرين والأنصار! إن من إخوانكم قوماً ليس لهم مال ولا عشيرة، فليضم أحدكم إليه الرجلين والثلاثة، قال: فما لأحدنا من ظهر يحمله إلا عُقبة أحدهم، قال: فضممت إلي اثنين أو ثلاثة وما لي إلا عقبة كعقبة أحدهم من جملي) انظر إلى الصحابة كيف كانوا يتكافلون فيما بينهم! فهذا الراوي جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما وهو في السفر يسمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ومعه جمل واحد يركبه، فيضم إليه ثلاثة ليركبوا معه على الجمل يتعاقبون عليه، هذا يركب مرة وهذا مرة وهذا مرة وهو مثلهم، ولم يقل: الجمل حقي فأنا أركب أكثر، بل قال: (فما لي إلا عقبة كعقبة أحدهم)، انظر إلى هذا التفاني في حب الله سبحانه وتعالى، وفي خدمة الغير، وفي البذل والتضحية!

<<  <  ج: ص:  >  >>