متى تذبح هذه العقيقة؟ السنة أن تذبح العقيقة في اليوم السابع من الولادة، ولو ذبحها قبل ذلك أو بعد ذلك فهو مجزئ، ولكن الأفضل التقيد بالسنة، فيحسب يوم الولادة، وهذا فيه خلاف بين العلماء: هل يوم الولادة محسوب من ضمنها أو أنه يلغى ويعد سبعة أيام بعده؟ الراجح أن يوم الولادة محسوب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث سمرة بن جندب:(كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه) فاليوم الذي يولد فيه المولود هذا أول الأسبوع من يوم الولادة، فإن ولد في الليل حسب اليوم الذي يلي تلك الليلة، ولو ذبح العقيقة بعد السابع أو قبله وبعد الولادة أجزأه، وسواء ذبح أول ما يولد الغلام أو أخر إلى اليوم العاشر، أو إلى اليوم العشرين فكله مجزئ، ولكن الأفضل أن تكون في اليوم السابع.
وإن ذبح العقيقة قبل الولادة كأن تكون زوجته حاملاً فيستعجل ويذبح العقيقة، فلا تجزئ عنه، فليست هذه عقيقة في هذه الحال، بل تكون شاة لحم؛ لأن وقتها بعد الولادة؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(كل مولود رهين -أو كل غلام رهين- بعقيقته).
ولا تفوت العقيقة بتأخيرها عن السابع، فلو جاء اليوم الثامن وهو لم يذبح، كأن يكون ليس عنده نقود، وانتظر إلى الشهر القادم حتى تتيسر له النقود، ولو ذبح بعد سنة أو سنتين، أو ما ذبح عنه فعق عن نفسه بعد ذلك حين ملك مالاً فكل هذا يجزئ في العقيقة، وتكون العقيقة مجزئة في ذلك، فلا تفوت بتأخيرهما عن السبعة الأيام، لكن يستحب ألا تؤخر عن سن البلوغ.
يقول الإمام الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم، فيستحبون أن يذبح عن الغلام العقيقة يوم السابع، فإن لم يتهيأ يوم السابع فيوم الرابع عشر، فإن لم يتهيأ عق عنه يوم إحدى وعشرين، وهذا نسبه لأهل العلم فقال: أهل العلم قالوا ذلك.
والراجح: أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء، يقول الحافظ ابن حجر: لم أرَ هذا صريحاً إلا عن أبي عبد الله البوشنجي، ونقله صالح بن أحمد عن أبيه، وورد فيه حديث أخرجه الطبراني من رواية إسماعيل بن مسلم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه، وإسماعيل بن مسلم ضعيف، ولذلك قال: إنه تفرد به، وذكر الطبراني أنه تفرد بهذا الحديث، فلا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا أخر العقيقة عن السابع ينتظر إلى يوم أربعة عشر، ثم إلى اليوم الواحد والعشرين، فلا يصح في هذا حديث.
ولو فرضنا أن الإنسان فعل ذلك أجزأ، فنقول: إنها تجزئ في أي وقت حتى البلوغ، ويستحب ألا يتجاوز فيها سن البلوغ، وإذا لم يعق عن الغلام أبوه جاز أن يعق عن نفسه بعد ذلك.
كذلك جاء حديث ضعيف عن النبي صلى الله عليه وسلم -ونريد أن نبين ضعفه فقط- عن جعفر بن محمد عن أبيه، وقد رواه أبو داود في المراسيل ورواه البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين رضي الله عنهما:(أن ابعثوا إلى بيت القابلة بِرِجْلٍ، وكلوا وأطعموا، ولا تكسروا منها عظماً)، فذكر كثير من العلماء أنه يستحب ألا تكسر العقيقة، ولكن لم يصح الحديث بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وذكروا أن السنة أن يهدى إلى القابلة أو الطبيبة التي ولدتها، فيهدون لها رجل العقيقة، وهذا أيضاً لم يصح في ذلك، وكونه لم يصح فهل معناه: أنه لا يهدي للقابلة منها شيئاً؟ لا، بل اهدِ ما شئت، اهد الرجل أو غيرها فليس في ذلك سنة، فلا ننسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يصح عنه صلوات الله وسلامه عليه.