للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سنن الحج]

إن سنن الحج هي ما سوى أركان الحج وواجباته، كطواف القدوم للقارن أو المفرد, أما المتمتع فليس عليه طواف قدوم؛ لأن الطواف الذي سيقدم به سيكون هو طواف الركن، أي: طواف العمرة.

ومن السنن: الأذكار التي تقال، والدعاء بين الركنين اليماني والحجر الأسود، وهو: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:٢٠١]، وكذلك الوقوف على الصفا والدعاء فيه, والوقوف على المروة والدعاء فيها, والدعاء في يوم عرفة كله، ومن السنن أيضاً: استلام الحجر الأسود والسجود عليه, والرمل أي: الإسراع كهيئة الجاري في طواف القدوم للحاج والمعتمر، ومن السنن أيضاً: الاضطباع، والرمل والاضطباع للرجل فقط وهو: كشف منكبه الأيمن خلال طواف القدوم، ومن السنن كذلك: سائر ما ندب إليه من الهيئات في الطواف والسعي، وحضور الخطب وغير ذلك.

والسنن في الحج يطلب فعلها ويثاب فاعلها عليها، ولكن لا يلزمه بتركها فدية أو دم أو صدقة.

ومن سنن الحج أيضاً: العج والثج, والعج معناه: رفع الصوت بالتلبية، وهذا للرجال فقط، أما المرأة فإنها تدعو وتلبي بصوت منخفص، وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: (أي الحج أفضل؟ قال صلى الله عليه وسلم: العج والثج) والعج: رفع الصوت, والثج: الذبح والنحر, فكلما أكثر من الذبح ومن النحر كان هذا أفضل له.

فالثج: هو ذبح الهدي تطوعاً؛ لما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكثر من هدي التطوع جداً, وقد كان صلى الله عليه وسلم أحياناً وهو في المدينة يرسل هدياً إلى البيت من غير أن يخرج حاجاً ولا معتمراً صلى الله عليه وسلم, وهو صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قد نحر بيده ثلاثاً وستين بدنة، ونحر الباقي علي رضي الله تبارك وتعالى عنه.

قال النووي: اتفقوا على أنه يستحب لمن قصد مكة بحج أو عمرة أن يهدي هدياً من بهيمة الأنعام، سواء من الإبل أو المواشي والبقر والجواميس، أو من الأغنام، فبهيمة الأنعام تطلق على هذه الثلاثة الأصناف, ويقسمه على مساكين البلدة.

ومن السنن كذلك: الغسل لدخول مكة، فالذي جاء من بعيد إذا وصل إلى مكة فيستحب أن يغتسل قبل أن يدخلها, كما يستحب الاغتسال عند الإحرام، ومن السنن: التعجيل بطواف الإفاضة يوم العيد فيستحب في وقت الضحى بحسب ما يستطيع، ومن السنن التحصيب أي: النزول بالمحصب، وهو مكان في مكة عند مقبرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نزل هنالك, والآن لعله يصعب هذا، فإن استطاع ذلك فعله، وإلا فلا.

فهذه هي أعمال الحج، أما الأركان فلا يتم الحج ولا يجزئ حتى يأتي بجميعها: الإحرام, الوقوف بعرفة, الطواف, السعي، ولا يجبر شيء من هذه الأركان بدم، فلو أنه طاف بالبيت ستة أطواف فيلزمه أن يأتي بالسابعة، فلو نسى بنى على الأقل.

والترتيب شرط في هذه الأركان إلا ما أباحه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: لا حرج, كالسعي والطواف, فلو سعى قبل أن يطوف، أو طاف قبل أن يسعى ناسياً فلا شيء عليه, لكن لو أنه قدم الطواف عند مجيئه وهو مفرد بالحج، وقال: إن الطواف الذي أتيت به الآن هو طواف الحج فلا يصح ذلك؛ بل لابد أن يكون طواف الحج عند وقته في يوم العيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>