وسنة النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت في المزدلفة إلى الفجر، ويصلي الفجر في أول وقتها، ثم يقف عند المشعر الحرام، وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم على جبل قزح وذكر الله سبحانه وتعالى.
فإذا صلوا الصبح توجهوا إلى المشعر الحرام عند جبل اسمه (قزح)، وهو جبل صغير معروف في آخر المزدلفة، فيتوجه إليه حتى يصعد عليه إن أمكنه وإلا وقف عنده أو تحته، ويقف مستقبل الكعبة، فيدعو ويحمد الله ويكبره ويهلله ويوحده، ويكثر من التلبية.
وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم الفجر في المزدلفة في أول وقتها؛ لأنه سيخرج قبل الشروق من المزدلفة متوجهاً إلى منى، فيجد وقتاً للدعاء بين صلاة الفجر وبين الإسفار، وحتى يخرج صلى الله عليه وسلم متوجهاً إلى منى مخالفاً لما كان عليه المشركون، إذ كانوا يخرجون إلى منى بعد طلوع الشمس، فخالفهم وخرج قبل طلوع الشمس عليه الصلاة والسلام.
ووقوف الرسول عند المشعر الحرام حيث أمكنه ينطبق عليه في حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(نحرت هاهنا ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم، ووقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف).
والغرض: بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا وقف في مكان فلا يشترط أن كل الحجاج يقفون في المكان نفسه، فإنه لا يكفيهم ذلك الموضع، وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم أسفل جبل الرحمة، وقال لنا:(عرفة كلها موقف)، أي: في أي موقف من عرفة وقفت فيه أجزأك.
كذلك وقف النبي صلى الله عليه وسلم في جمع على جبل قزح، وقال:(وجمع كلها موقف).
وجمع: هي المزدلفة، والمراد: وقفت على قزح وجميع المزدلفة موقف، لكن أفضلها قزح، كما أن عرفات كلها موقف، وأفضلها موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن السنة أن يبقوا واقفين على قزح للذكر والدعاء إلى أن يسفر الصبح جداً، أي: إلى أن يتحول لون السماء من لون السواد إلى اللون الأزرق، ويصبح كل إنسان يرى من بجواره، فقبل أن تطلع الشمس وقبيل طلوع الشمس ينصرفون إلى منى.
ولو تركوا هذا الوقوف فاتتهم الفضيلة، ولكن هذا الوقوف ليس من واجبات الحج، وليس من أركان الحج، فلا إثم عليهم في الترك، ولكن خالفوا هدي النبي صلى الله عليه وسلم إذا تركوا هذا الوقوف.