للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شروط الرمي وآدابه]

ويشترط في الرمي أن يفعله على وجه يسمى رمياً؛ لأنه مأمور بالرمي، فاشترط فيه ما يقع عليه اسم الرمي، فلو أن إنساناً وصل إلى أمام المرمى وأخذ الحصى ووضعها فهذا ليس رمياً.

ويشترط في الرمي أن يقع في المرمى نفسه، وأحياناً بعض الناس يكلف نفسه ويرمي في العمود الذي أمامه، والرمي إنما يكون في الجمرة الكبرى، وبعضهم عند رمي الجمرة الصغرى والوسطى يرى عموداً ويشغل نفسه برميه، وهذا ليس بسنة؛ بل السنة أن يرمي في المرمى نفسه وليس في هذا العمود الذي أمامه.

ولا يشترط بقاء الحجر في المرمى، ولا يكلف نفسه عند رمي الحصى أن ينظر إلى الحصى التي رماها هل وقعت في المرمى أو لا، بل يكفي أنه فعل الذي عليه ولا شيء عليه بعد ذلك، مع أنه يستحيل أن يرى الحصى الآن من شدة الزحام.

ولو صدمت الحصى المرمية بالأرض خارج الجمرة أو في الطريق، أو عنق بعير، أو ثوب إنسان، ثم ارتدت فوقعت في المرمى أجزأه، وكذلك لو فرضنا أن الحصى وقع في شيء ثم طار منه ونزل إلى المرمى أجزأه أيضاً.

وهذا مفيد الآن، مع أنه كان في الماضي تقع الحصى في رأس إنسان وتطير وتنزل في المرمى، والآن الذي يرمي من الدور الثاني فيمكن أن تقع في مكان أو تطير إلى مرمى الذي هو فوق، ومنه سترد في مكان آخر وتنزل إلى المرمى.

ولو رمى حصاة إلى المرمى وشك هل وقعت فيه أم لا، فيعمل على الأصل وهو أنها لم تقع فيه، وكثير من الحجاج يكلف أن يعرف هل وقعت في المرمى أو لا وبينه وبين المرمى خمسون متراً، ويمسك الحصى ويخذفها.

وفي السنة التي مضت رأيت شخصاً يمسك حصى في يده، وهو مغمض عينيه ويحذف بالحصى وبينه وبين المرمى مكان بعيد يستحيل أن تصل إليه، وهذا خطأ، وللأسف عندما تنبه البعض على هذا الخطأ يقول لك: ربنا غفور رحيم، هذا قد عمل الذي عليه، مع أن هذا خطأ، ولابد أن يقرب من المرمى ويرمي، ويحرص على ألا يؤذي الناس، فربما تأتي في رأس إنسان أمامه، وهذا حرام.

وكذلك لا يجزئه الرمي عن قوس، ولا الدفع بالرجل؛ لأنه لا ينطبق عليه اسم الرمي.

والرمي عبادة، فيجب على الذي يفعلها ألا يستهين بالعبادة أو يفعل أفعال المستهزئين، وتلك الأماكن أماكن عبادة، فلا بد للإنسان أن يكون فيها في غاية التواضع وفي غاية الخشوع، ولا يفعل أفعالاً تدل على أنه من المستهزئين.

وبعضهم يظن أن هذا الأفعال التي يفعلها يرمي بها الشيطان أو أنه يهينه، وهذا من الخطأ، فأنت في الرمي إنما تتبع ملة إبراهيم كما أمرنا ربنا سبحانه وتعالى في رمي الجمرات، وأما أنك ترمي بشيء لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم فهذا خطأ.

ويشترط أن يرمي الحصيات متفرقات، فلو رمى حصاتين أو سبعاً دفعة فإن وقعن في المرمى في حالة واحدة، أو ترتبن في الوقوع حسبت حصاة واحدة، أي: أن الرمي محسوب بأنك حركت يدك، فإن حركتها بالرمي مرة واحدة فهذه رمية، أو حركتها ورميت بحصى واحدة دفعة فهي رمية، أو رميت بعشرين حصاة دفعة فهي أيضاً واحدة.

فيجب في الرمي سبع حصيات في سبع مرات، كل مرة بحصاة واحدة.

ولا تشترط الموالاة بين الحصيات، ولا الموالاة بين جمرات أيام التشريق، ولكن تستحب الموالاة، فلو رمى أربع حصيات، ثم تعب من الزحام فخرج ليستريح وبعدها رجع وبقي عليه ثلاث، فليرم بها ولا شيء عليه، حتى لو أخر هذه الثلاث من وقت الظهر مثلاً إلى وقت العصر أكمل الباقي ولا تشترط الموالاة.

وكذلك الموالاة بين الجمرات، فلو أنه في ثاني يوم من أيام العيد رمى الجمرة الصغرى، فتعب ورجع إلى الخيمة ثم جاء لرمي الجمرتين الوسطى والأخرى وقت المغرب أو العصر ورمى الباقي فلا شيء عليه.

وإذا فرغ من رمي الجمرة يوم النحر لم يقف عندها؛ لأنه في اليوم الثاني والثالث والرابع سيرمي الجمرة الأولى ويقف للدعاء عندها وكذلك الجمرة الثانية.

وأما الجمرة الثالثة فلا يقف عندها للدعاء، وهي التي يرميها في أول يوم، وهي جمرة العقبة الكبرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>