[بيان الفرق بين الفلاسفة والمتكلمين في العقائد وأصول الفقه]
السؤال
ما الفرق بين الفلاسفة والمتكلمين في العقائد وفي أصول الفقه؟ وهل يشبهون المعتزلة أم لا؟
الجواب
الفلاسفة هم الذين يتخرصون في أمور الغيب، وهم الذين لا ينهجون نهج الأنبياء، بل غالبهم من خصوم الأنبياء، فهم من الخراصين الذين جعلوا أوهامهم فيما يتعلق بعالم الغيب حقائق، وزعموا أنها عقليات، كما قد يتوسع بعض الناس في مفهوم الفلاسفة فيدخل فيهم طوائف ممن يتكلمون في بعض العلوم، كالفلك والطب؛ لأن الفلاسفة إضافة إلى كلامهم في الغيبيات يعنون بهذه العلوم، لذا فقد اختلطت المفاهيم عند الناس، وأعني بذلك: الفلاسفة الخلص لا من عنده نزعة فلسفية؛ لأن النزعة الفلسفية قد توجد في كثير من أصحاب العلوم الأخرى، وعلى هذا فإن الفلاسفة لا يلتزمون الشرع، وهذا هو الأصل فيهم، فلا عقيدة ولا شريعة إلا النادر، والنادر لا حكم له.
أما أهل الكلام فيقصد بهم طوائف من المسلمين الذين تأثروا بالنزعات الفلسفية، وأرادوا أن يوفقوا بزعمهم بين الشرع والعقل، أو بين الشرع والفلسفة، فوقعوا في منهج تلفيقي جعلهم يخرجون عن مقتضى السنة، وهم ليسوا فلاسفة خلص، وليسوا على نهج السنة، وإنما هم قوم خلطوا بين مناهج الفلاسفة من وجه وبين الشرع من وجه آخر، والخلط لا يستقيم.
فلذلك ما استقام لهم الأمر، وصارت مناهجهم مخالفة لمناهج السلف في العقائد.
وأما في أصول الفقه فلا أثر واضح للفلاسفة إلا من حيث أن أصول الفقه دخلت فيه كثير من المسائل الكلامية التي تأثر أصحابها بالأصول الفلسفية، بينما المتكلمون هم الذين لهم أثر في أصول الفقه.
وأما هل يشبهون المعتزلة؟ فالمعتزلة طائفة متكلمة، بل هم أهل الكلام الخلص، بينما متكلمة الأشاعرة والماتريدية والكلابية ونحوهم إنما هم عالة على المعتزلة؛ لأنهم -والله أعلم- يعتمدون على العلوم الرياضية والمنطقية، وعلم الفلك قديماً فيه نوع من القرب من الجانب المنطقي، هذا أمر.
الأمر الآخر: أن علم الفلك علم علوي، وهم يزعمون أن لهم قدرة على اكتشاف الأمور العلوية، لذلك تعلقوا بالفلك، أما تعلقهم بالطب فلا أدري ما سببه؟ لكن ربما هذا راجع إلى أن الفلاسفة الأوائل لهم عناية بالطب، فاستمر الفلاسفة الذين بعدهم على هذا النهج، والله أعلم، إنما العلوم الطبيعية التطبيقية لهم عناية بها في الجملة أو في العموم، حتى غير الطب كالكيمياء والفيزياء إلى آخره.