قال المصنف رحمه الله تعالى:[وإن كان المخاطب ممن ينكر الصفات ويقر بالأسماء كالمعتزلي الذي يقول: إنه حي عليم قدير، وينكر أن يتصف بالحياة والعلم والقدرة.
قيل له: لا فرق بين إثبات الأسماء وإثبات الصفات، فإنك إن قلت: إثبات الحياة والعلم والقدرة يقتضي تشبيهاً أو تجسيماً، لأنا لا نجد في الشاهد متصفاً بالصفات إلا ما هو جسم، قيل لك: ولا نجد في الشاهد ما هو مسمى حي عليم قدير إلا ما هو جسم، فإن نفيت ما نفيت لكونك لم تجده في الشاهد إلا للجسم فانف الأسماء؛ بل وكل شيء؛ لأنك لا تجده في الشاهد إلا للجسم، فكل ما يحتج به من نفى الصفات يحتج به نافي الأسماء الحسنى، فما كان جوابا لذلك كان جوابا لمثبتي الصفات].
المعتزلي يقول: إن الله حي، ثم يقول: بلا حياة -تعالى الله- عليم بلا علم، قدير بلا قدرة، فالشيخ رحمه الله ضبط عليهم هذا الكلام، وقال: أنتم قلتم: بأنه حي عليم قدير، فلماذا نفيتم الحياة والعلم والقدرة؟ قالوا: لأن الحياة والعلم والقدرة من حيث هي صفات لا توجد إلا فيما هو أجسام، فرد عليهم الشيخ: فكذلك تسمية الله بالحي والعليم والقدير لا تعرف عندنا بما نعرفه قبل أن يأتينا الخبر أو مجملات المعقولات إلا ما هو من أوساط الأجسام بالنسبة لمداركنا، فإذا كنا نعرف أن المخلوق حي عليم قدير، وتعترفون بذلك، وتقولون أيضاً: إن الخالق حي عليم قدير، فالتشابه موجود، ونحن نقول: إن التشابه لفظي، بينما هم يقولون: التشابه إذا وقع فإنه يكون حقيقياً، وعلى ذلك فإنهم قالوا: بأنه حي بلا حياة، عليم بلا علم، قدير بلا قدرة، فأثبتوا: الحي العليم القدير، ونفوا: الحياة والعلم والقدرة، ولم يفرقوا بينهما، فالشيخ -كما ذكرنا- ضبط عليهم هذه المسألة فقال: لا فرق بين أن تسموه أو تصفوه، فكما أنكم لا تعرفون الأوصاف إلا في المخلوقات، فكذلك يقال لكم: لا تعرفون المسميات إلا في المخلوقات بالنسبة لمدارككم أنتم، فلا فرق بين القاعدتين.