[اعتبار سياق آيات الأسماء والصفات عند أهل السنة والجماعة]
وكذلك قوله عز وجل: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [النساء:٩٣] تضمنت صفة لله عز وجل على ما يليق بجلاله، والسياق معتبر، لا كما يقول بعض المفتونين: إن أهل السنة لا يهتمون بالسياق، ويزعمون أنهم يجزئون أسماء الله وصفاته، وهذا جهل وضلال وحيدة عن الحق؛ لأني أعرف من قال هذا الكلام من المعطلين وأنه تربى على هذه الأمور ودرسها، لكنه فتن ببعض بني جنسه، ففضل عصبية القوم على الحق، فالله يوصف بمثل هذه الصفات لكن مع اعتبار السياق، بمعنى: أننا لا نفرد الصفة إلا على الوجه اللائق بالله عز وجل.
وكذلك قول الله عز وجل: {لَمَقْتُ اللَّهِ} [غافر:١٠]، هذا فعل من أفعال الله عز وجل، وقد يفهم منه صفة لله عز وجل، لكن مع اعتبار السياق، لأن سياقات النصوص معتبرة عند السلف، فلا تثبت هذه الصفات، مثل: المقت والسخط والغضب إلا على وجه الكمال لله سبحانه، وعلى اعتبار المفهوم من السياق؛ يعني: أن المفهوم من سياق كل آية -بحسب ما وردت- وكل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يتضمن صفة لله عز وجل -بحسب ما ورد- هذا أمر معلوم عند السلف، ولا بد أن يلتزموه، وهو من لوازم إقرارهم بالصفات.
وكذلك قوله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ} [البقرة:٢١٠]، فصفة (الإتيان) تثبت لله عز وجل على نحو ما جاءت في السياق.
وكذلك قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة:٢٩]، فالاستواء هنا ليس هو الاستواء على العرش -هذه من الأدلة العاضدة لأدلة الاستواء على العرش- وإنما الاستواء هنا يفسر بمعنى: العلو والارتفاع، ولا مانع أن يضاف إلى تفسير معنى الاستواء على العرش، لكن هذا النص وحده ليس هو الدليل على الاستواء على العرش، فالاستواء على العرش قد ورد في نصوص أخرى، فهنا استوى كما يليق بجلاله، والفعل: (استوى) إذا عدي بـ (إلى) ثم أشير إلى السماء فإنها تعني: العلو والارتفاع، وتعني المعاني الكاملة التي تقتضيها المعاني اللغوية.
وكذلك قوله عز وجل: {فَقَالَ لَهَا} [فصلت:١١]، إثبات صفة (القول) لله عز وجل على ما يليق بجلاله، وهي فرع عن صفة (الكلام).
وبعد ذلك: {وَنَادَيْنَاهُ} [مريم:٥٢]، هذه من أفعال الله عز وجل.
وكذلك: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ} [القصص:٦٢]، هذه من أفعال الله عز وجل، وهي مرتبطة بالكلام والصوت.
وكذلك: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:٨٢].
فقوله: (إِنَّمَا أَمْرُهُ) إثبات (الأمر) لله سبحانه.
وقوله: (إِذَا أَرَادَ) إثبات صفة (الإرادة).
وقوله: (أَنْ يَقُولَ) إثبات صفة (القول) لله سبحانه.
وكذلك آيات سورة الحشر كلها في أسماء الله وصفاته، وهكذا بقية النصوص.