للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:

خطأ من يقول: إن الشريعة في أي زمان ومكان تطبق تطبيقاً كاملاً

السؤال

كيف تقول: إن الشريعة تطبق عندنا في كل شيء؟

الجواب

أسألكم بالله هل عرفتم مني هذه العبارة، أو قلت: في الجملة؟! إن مشكلة الفهم في الإسقاط، وينبني على هذا الفهم فوارق، وأنا أعذر الأخ القائل بذلك وأسامحه، لكن كونه ينبني على مثل هذا الكلام أحكاماً خطيرة، ينبغي التثبت عند نقل الكلام، لذا فأقول: حتى في عهد الخلفاء الراشدين أحياناً لا تطبق الشريعة في كل شيء، بل ولا أحد يقول: الشريعة تطبق في كل شيء، لكن قد ترد العبارة بمعنى آخر: أنه مجملاً النظام العام كذلك.

ثم يقول السائل: وفي وزارة التجارة والعمل تطبّق القوانين الوضعية التي ليست في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم في القضايا التجارية وقضايا العمل؟ وأقول: الأصل في الأنظمة أنها مبنية على الالتزام بالشريعة الإسلامية، وهذا نظام الحكم موجود، وأغلب الأنظمة تسند إلى هذا وتشير إليه، مع أنه توجد تجاوزات في بعض الوزارات وغيرها، وهذه التجاوزات لا نستطيع أن نحكم عليها؛ لأن كلانا طرف غائب ولم نتحقق، والأمر يحتاج إلى أن نتثبت عن مدى شرعية مثل هذه الأعمال، أو مخالفتها للشرع، هذا من ناحية.

والناحية الأخرى: ما هي حجة القائمين على هذه الأعمال؟ وهل عندهم مسوغ؟ وهل عندهم تأول؟ وهل عندهم فتاوى؟ وهل هم يزعمون أن هذه ليست محاكم إلى آخر ذلك من الأسئلة الواردة؟ إذاً: هذا يترك للراسخين في العلم، لذا فأنصح نفسي والسائل وأمثاله بأن يترك هذه المسائل للأئمة الكبار الراسخين في العلم، فهم الذين يحكمون فيها، إذ هي قضايا لا تزال تهمهم وأهمتهم قديماً، ولا يزالون يبحثونها، ولهم مع ولاة الأمر كلام كثير، ونصائح وتبادل آراء، والموضوع يناقش وما أُهمل، لكن ومع ذلك قد لا يستطيعون عمل كل شيء، فتبقى أعمال البشر تعتريها الخطأ والسهو والخلل، ويعتريها الانحراف، ومثل هذه الأمور تعتبر من الأمور التي تعد من مصالح الأمة العظمى، فلا يجوز في مثل هذا الدرس أن أفصّل فيها بغير بيّنة، أنا ولا غيري ولا السائل أيضاً، أو يبني مثل هذه الأحكام، فليتق الله في نفسه وفي أمته وفي دينه، وليحرص أن يتفقه، وإذا تمكّن -إن شاء الله- وصار من الراسخين في العلم، فالله يقويه ويعينه، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص: