قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: [والله سبحانه بعث رسله بإثبات مفصل ونفي مجمل، فأثبتوا لله الصفات على وجه التفصيل، ونفوا عنه ما لا يصلح له من التشبيه والتمثيل، كما قال تعالى:{فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}[مريم:٦٥]، قال أهل اللغة:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}[مريم:٦٥] أي: نظيراً يستحق مثل اسمه، ويقال: مسامياً يساميه، وهذا معنى ما يروى عن ابن عباس:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}[مريم:٦٥] مثيلاً أو شبيهاً].
الإثبات المفصل يتمثل بما جاء تعداده من الأسماء الحسنى لله عز وجل، ومن صفات الكمال والأفعال لله عز وجل، وهذا قد ورد تفصيله في الكتاب والسنة، وهذا يسمى إثباتاً مفصلاً، ولذلك لابد من الإشارة إلى أمر مهم في مثل هذا المقام، وهو: أن الكتاب والسنة -أي: ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قد اشتملا على صفات الكمال المطلق لله عز وجل، بما لا يحتاج البشر معه إلى تقرير أسماء وصفات لله من عند أنفسهم، نعم أسماء الله وصفاته لا تحصى ولا تعد، وليست محصورة فيما ذكره لنا، لكن ما ذكره الله عز وجل من أسماء وصفاته، وما ذكره له رسوله صلى الله عليه وسلم من أسمائه وصفاته تشمل كل كمال يمكن أن يرد على ذهن بشر، بل يمكن أن يخطر على بال مخلوق، وكل كمال يمكن أيضاً أن ينطق به البشر على أي لغة؛ لأن كل ما جاء في الكتاب والسنة يشمل هذا الكمال وزيادة، بمعنى: أن أسماء الله وصفاته الواردة في الكتاب والسنة تتضمن كل كمال يمكن أن يرد في أذهان المخلوقات، وعلى ألسنة البشر بأي لغة، وعلى هذا فهم ليسوا بحاجة إلى تقرير اسم أو وصف جديد لله عز وجل، ويتفرع عن هذا الأصل أصل آخر، وهو: أنه لو افترضنا أن أحداً قال: أنا أعرف من الكمالات ما لم يرد في الكتاب والسنة، فنقول له: هات ما عندك، فلو جاء من عنده بوصف كمال فلابد أن يرجع هذا الوصف إلى ما ورد في الكتاب والسنة، بمعنى: أن الألفاظ الجوامع في أسماء الله وصفاته لابد أن تتضمن كل ما يرد على أذهان البشر وزيادة، يعني: أنها تفي بما يرد على أذهان البشر وزيادة، بل لله من الأسماء ما يمكن أن يجمع جميع الكمالات، مثل: اسم الجلالة: (الله)، و (الحي القيوم) و (ذو الجلال والإكرام)، و (العلي العظيم)، ونحو ذلك من الأسماء التي تشمل كل كمال.