قال رحمه الله تعالى: [فإنه يقال: لفظ (الظاهر) فيه إجمال واشتراك، فإن كان القائل يعتقد أن ظاهرها التمثيل بصفات المخلوقين، أو ما هو من خصائصهم، فلا ريب أن هذا غير مراد.
ولكن السلف والأئمة لم يكونوا يسمون هذا ظاهرها، ولا يرتضون أن يكون ظاهر القرآن والحديث كفراً وباطلاً، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم من أن يكون كلامه الذي وصف به نفسه لا يظهر منه إلا ما هو كفر أو ضلال.
والذين يجعلون ظاهرها ذلك يغلطون من وجهين].
قوله:(ظاهرها ذلك) يعني: الذين يجعلون ظاهرها التشبيه والتمثيل يغلطون من وجهين.
قال رحمه الله: [تارة يجعلون المعنى الفاسد ظاهر اللفظ، حتى يجعلوه محتاجاً إلى تأويل يخالف الظاهر، ولا يكون كذلك.
وتارة يردون المعنى الحق الذي هو ظاهر اللفظ، لاعتقادهم أنه باطل.
فالأول: كما قالوا في قوله: (عبدي جعت فلم تطعمني) الحديث، وفى الأثر الآخر:(الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه أو قبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه)، وقوله:(قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن)].
فحديث:(الحجر الأسود) الراجح أنه لا يصح، لكنه مرفوع عن ابن عباس، وعلى هذا فإنه يؤتى به من باب عضد الأدلة، لا من باب الاستدلال المستقل، حيث إن الأدلة قبله وبعده كافية؛ لأنها وردت في الصحاح.