للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تأثر الكثير من أهل العلم بفكر الإخوان وحكم تصنيفهم ضمن أهل البدع]

السؤال

ما رأيكم حول انتشار فكر الإخوان المسلمين في الجامعات والمدارس وغيرها، وتأثر الكثير من أهل العلم بهذا الفكر، وتصنيفهم ضمن أهل البدع، وأنه لا داعي للجهاد إذا كانت أبواب الدعوة مفتوحة؟

الجواب

هذا الكلام فيه جانب حق وجانب باطل، فأما أن تكون دخلتنا عبر مناهج الإخوان وغيرها بعض المناهج البدعية فكرية وعقدية فنعم دخلتنا، وخاصة في جانب المناهج في الدين، ومناهج الدعوة، وفي جانب العقيدة، وقد يكون تأثير الإخوان عقدياً ممن تأثروا بمنهج الإخوان في المملكة، وقد يكون تأثيرهم ضعيفاً جداً، بل لا أعرف أن واحداً مثلاً تحوّل إلى أشعري بسبب أنه إخواني، أو تحوّل إلى صوفي بسبب أنه إخواني، بل تجد بدعاً أخرى، كبدع المواقف من العلماء، وبدع المواقف من الدولة، وبدع الثرثرة في السياسة أكثر من اللازم إلى حد الوسوسة، وبدع مناهج الدعوة والتعبد بها، وبدع التنظيمات التي تتخذ بشكل إلزامي، وبدع الأفكار تجاه السنة وأهلها، فقد تكون من جانب بعضها بدعاً صريحة، وبعضها تدخل في التوجه البدعي، وأخذناها كمفردات ولا نقول: هذه بدعة، لكنها تخدم التوجه البدعي، أو تخدم مناهج أهل البدع، وكذلك: التساهل، والتميع، والإرجاء، والتصوّف مما يتساهل فيه الإخوان، كما أصبح منهج الإخوان منهجاً عاماً يدخل فيه عدة فئات أيضاً، فقد يُصنّفون على أن إخوانهم ليسوا على منهج الإخوان في العقيدة، أو في بعض الأفكار، فهناك مناهج توصف بأنها إخوانية وهي تخالف بعض أصول الإخوان، وقد وجد هذا فعلاً، وهو من أمراضنا اليوم، رغم أن المشاكل التي تجري أسبابها كثيرة، لا يجوز أننا نحيلها على الإخوان وهذا غلط، فنحن نتحمل بتفريطنا وبتقصيرنا في تنشئة الأجيال، ونتحمل جزءاً من المشكلة والمسئولية، وأيضاً عوامل كثيرة أدت إلى ما وصلنا إليه من الفرقة بين الشباب، ووجود مظاهر الغلو والمواقف الحادة من الدولة ومن العلماء، فهذه توافرت فيها عوامل كثيرة، ومن الظلم أننا نرجعها إلى عامل أو عاملين أو حتى عشرة عوامل، بل توافرت فيها عوامل كثيرة جداً، من ضمن هذه العوامل مناهج الإخوان، وتربيتهم للشباب تربية فيها انحراف عن نهج السنة، وعزلهم عن العلماء ولو لم يتعمدوا ذلك، وإنما المنهج التطبيقي للإخوان هو الذي يعزل الشباب الصغار عن العلماء، أيضاً اتخاذ المواقف المريبة تجاه الدولة والمسئولين، فقد ربت طوائف منهم الشباب على هذا المنهج قصدوه أو ما قصدوه، أيضاً إهمال الثوابت عندنا، وإهمال التعلق بدعوة السنة في هذا البلد، وإهمال البيعة، وإهمال شرعية الدولة، بل ربما بعضهم يرى عكس ذلك، لكن لا نتهم النيات، فإذا ما رأوا عكس ذلك فهم أهملوا هذا الجانب وتربية الأجيال عليه، فحدث هذا الفصام، وكان لمناهج الإخوان أثر في ذلك، لكن من جانب آخر أيضاً ليس كل من ينتسب إلى الإخوان أو نُسب يكون بهذه الصفة، خاصة في الآونة الأخيرة بعد الأحداث وبعد التجارب، فقد وجد اعتدال كبير حتى عند كثير ممن ينسبون إلى الإخوان أو ينتسبون، ووجد أيضاً عوامل أخرى كثيرة تسببت في هذا الفصام، فأنا أقول: الأمر يحتاج إلى التوازن.

أيضاً كل الدعوات لها إسهام في جوانب الخير، فيجب أن تُذكر وتشكر، كاحتضان الشباب عما هو أعظم، مثل: صرف الشباب إلى التدين، وإلى الخير، وإلى طلب العلم الشرعي، وإن كان اهتمامهم بالعلم الشرعي ضعيفاً، لكن مع ذلك فمبدأ طلب العلم الشرعي موجود، خاصة وإن كان لا يوجد عند التبليغ، لكن يوجد عند غيرهم، فأقول: هذه الجماعات لها حسنات يجب أن تُذكر وتُشكر؛ لأن القضية قضية غفلة في المجتمع عن الشباب، فلو تصورنا أن الشباب تُركوا من جميع هذه الدعوات فما الذي أمامهم؟ الأحزاب، اتجاهات علمانية، اتجاهات حادة من قوميات، وناصرية، وبعثية، ومخدرات، ومصائب، وانفلات أخلاقي، وانفلات عقدي.

فإذاً: الأمر يؤخذ بتوازن إذا نظرنا إلى ظروف الأمة وأحوالها، ونقول هذا رغم أن الجماعات عندها كثير من الأخطاء، إلا أنها أيضاً حملت معنا شيئاً من العبء في احتضان كثير من شبابنا، فكان المفروض أن تعالج هذه المشكلات بالتناصح، وأن يكون الأمر بعلاج الأخطاء لا بهدم الكيانات؛ لأن الهدم لا يؤدي إلى نتيجة، بل يضر الجميع، فأنا أعتقد أن هذه اللهجة لهجة هدّامة ليست لهجة إصلاح، مع أني لا أدري ماذا قال الشيخ؟ وربما قال كلاماً أحسن من هذا، فإذا كان الأمر -وأنا صرّحت- قد وصل إلى وسائل الإعلام فلا بد أيضاً أن نقول ما نرى أنه الحق، أما أن يقال: إنهم أهل بدع مطلقاً فلا؛ لأنني أعرف أن الغالبية الكبرى من الشباب الذين يُنسبون للإخوان ليسوا من البدع في شيء، وما قلته قبل قليل هو موجود في المناهج وليس في تصرفات الأفراد.

فإذاً: الأمر يحتاج إلى توازن وإلى المعالجة بالحكمة، وأعود فأقول: نعم هذه الأمور توجد، لكن علاجها هو بعلاج الأخطاء لا بالتشهير والتنفير، ولا بالاستعداء، ولا بالمحاسبة على الماضي بالشكل الذي يهدم ولا يبني، فنحتاج إلى أن نتناصح، وإلى أن نصحح أخطاء، وإلى أن نبيّن وجه الحق من غير أن نُسقط ذمم الآخرين، فهؤلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>