[القاعدة السابعة: أن ما جاء به الشرع يدل عليه العقل إما دلالة مفصلة وإما دلالة مجملة]
القاعدة السابعة: أن ما جاء به الشرع يدل عليه العقل إما دلالة مفصّلة وإما دلالة مجملة، وأغلب أسماء الله وصفاته وأفعاله يدل عليها العقل كما يدل عليها الشرع؛ لأنها كمال ظاهر، أما ما لا يدركه العقل مما ثبت به الشرع فإن العقل يسلّم بصحته؛ لأن العقل السليم سلّم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وسلّم بصدق القرآن وصدق السنة، فإذا ورد الاسم أو الصفة لله عز وجل في القرآن أو السنة فإن العقل يسلّم ابتداءً ولا يناقش؛ لأنه قد سلّم بأن خبر الله صادق، وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم صادق، وعليه فالعقل السليم لابد أن يسلّم بجميع أسماء الله وصفاته وأفعاله، إما على سبيل التسليم المباشر، وهو الإقرار بأن الله عليم حكيم إلى آخر الأسماء والصفات التي تقر عقلاً، أو على سبيل التسليم الإيماني المتضمن التسليم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، كالصفات الخبرية، من إثبات اليد، والوجه، والعين وغير ذلك، فالعقل لا يستقر بإثباتها، لكن لما ثبتت من المصدر القطعي، لم يكن للعقل قدرة أن يعارض هذا المصدر القطعي؛ لأن العقل مخلوق ضعيف.
إذاً: فالعقل السليم قد سلّم ابتداء بأن كلام الله حق، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم حق، والأسماء والصفات التي نثبتها هي كلها من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وإن جئنا بشيء من عندنا فليرد إلى أصل القاعدة، وهو أن ما دل عليه الشرع دل عليه العقل، وذلك إذا سلم العقل من العوارض، وإلا فالعقل لا يسلم من ذلك؛ لأنه مخلوق ضعيف، فتأتيه عوارض الهوى، والضعف، والمحدودية، والشبهات، والشهوات، والشكوك، ومداخل الشيطان، وعوارض أخرى كثيرة، فكيف ينزع هؤلاء الفلاسفة والمتكلمون إلى جعل العقل حكماً على الشرع؟! لما فعلوا ذلك خاضوا في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بما لا يليق، نسأل الله السلامة والعافية.