[مواطن الاستشهاد في الآيات عند الكلام على الإثبات المفصل]
أما الكلام على الإثبات المفصل، فسنمر على مواطن الاستشهاد في الآيات؛ لأني بعد التأمل رأيت أن بعض الآيات قد يخفى وجه الشاهد فيها، وبعض الآيات قد تضمنت أكثر من دليل على الإثبات المفصل، لذا فسنقف على أسماء الله وصفاته وأفعاله والإخبار عن الله عز وجل في هذه الآيات، مع ما ورد في بعض الآيات من باب الأسماء، وبعضه من باب الصفات، وبعضه يجمع بين الأسماء والصفات، وبعضه من باب أفعال الله عز وجل، وبعضه من باب الإخبار عن الله عز وجل، وهذا كله يدخل في باب الإثبات المفصل.
أولاً: آية الكرسي معروفة بدلالتها على أسماء الله عز وجل، قال تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة:٢٥٥] فهذه كلها أسماء.
وقوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص:١ - ٢] فهذه مع اسم الجلالة: (الله) قد أثبت اسم (الأحد) لله عز وجل، وكذلك: (الصمد).
وبعده: {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [التحريم:٢]، صرحت باسم (العليم)، وباسم (الحكيم)، وتضمن صفة (العلم)، وصفة (الحكمة).
وكذلك: {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم:٥٤]، تضمنت صفة (العلم) و (القدرة)، مع ثبوت الاسمين.
وكذلك: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:١١]، تضمنت أيضاً من الصفات: (السمع) و (البصر)، مع ثبوت الاسمين.
وكذلك: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [إبراهيم:٤]، تضمنت صفة (العزة) و (الحكمة)، مع ثبوت الاسمين.
وكذلك: {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس:١٠٧] كذلك تضمنت مع ثبوت الاسمين صفة (المغفرة) وصفة (الرحمة).
وكذلك: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} [البروج:١٤]، تضمنت صفة (المغفرة) وصفة (المودة).
وكذلك: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} [البروج:١٥]، تضمنت الخبر عن الله عز وجل، وأنه ذو عرش، وكذلك اسم (المجيد) وصفة (المجد).
وكذلك: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود:١٠٧]، تضمنت معنى الفعل لله عز وجل، وكذلك الإرادة.
وقوله: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:٣]، هذه أسماء لله عز وجل، والنبي صلى الله عليه وسلم قد شرح معانيها فقال: (الأَوَّلُ الذي ليس قبله شيء، وَالآخِرُ الذي ليس بعده شيء، وَالظَّاهِرُ الذي ليس فوقه شيء، وَالْبَاطِنُ الذي ليس دونه شيء)، فهذه أسماء تضمنت صفات وأخبار الأولية والآخرية والظهور والباطن، (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، تضمنت أيضاً اسم (العليم) وصفة (العلم) لله عز وجل.
وكذلك قوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد:٤].
فقوله: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ)، تضمنت صفة (الخلق).
وقوله: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)، تضمنت صفة (الاستواء).
وقوله: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا)، تضمنت عموم علم الله عز وجل.
وقوله: (وَهُوَ مَعَكُمْ) تضمنت صفة (المعية) المقيدة بثبوت العلو كما هو معلوم، وليست معية الحلول والاتحاد والمخالطة ووحدة الوجود، وإنما المعية هنا: المعية في العلم.
وقوله: (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، تضمنت صفة (البصر) لله عز وجل.
ثم قوله عز وجل: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:٢٨] فقوله: (مَا أَسْخَطَ اللَّهَ) تضمنت صفة لله عز وجل على ما يليق بجلاله.
وقوله: (وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ) تضمنت صفة لله عز وجل.
وقوله: (فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) تضمنت فعلاً من أفعال الله.
وقوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:٥٤]، تضمنت صفة (المحبة) لله عز وجل.
وكذلك قوله: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} [المائدة:١١٩]، تضمنت صفة الرضا لله عز وجل.