وقد مثل الشيخ للقسم الأول بسورة: الإخلاص، فقال تعالى:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[الإخلاص:١ - ٤]، فهذا خبر تضمن أسماء الله وصفاته.
كما مثل للقسم الآخر بسورة: الكافرون، فقال تعالى:{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}[الكافرون:١ - ٢]، فالعبادة تعني القصد، أي: أن يقصد المسلم بعبادته الله عز وجل، ولذلك جاء في سورة الكافرون ضرورة إخلاص التوحيد لله عز وجل، ونفي الشرك الذي عليه أولئك الذين يعبدون غير الله عز وجل.
ومن هنا جاء تحريم عبادة المسلم يقصد بها غير الله، كأن يقصد ما قصده المشركون حينما قصدوا، أو الكافرون حينما قصدوا غير الله، فعبدوا غيره، {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}[الكافرون:١ - ٢]، فلا يقصد ويتوجه المسلم إلا إلى لله، ولا يعمل ولا يريد إلا لله عز وجل، ولا يعمل إلا بمقتضى شرع الله، وهذا ظاهر جداً، فإننا نجد السورة الأولى قد تضمنت الخبر عن أسماء الله وصفاته، وجوامع الأسماء والصفات.
والسورة الثانية:{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}[الكافرون:١]، قررت لمن يكون القصد؟ لمن تكون العبادة؟ لمن يكون العمل؟ لمن تكون إرادة المسلم؟ لمن يكون توجهه؟ كل ذلك لا يكون إلا لله عز وجل، ومن هنا خالف المسلم الكافرين مخالفة متميزة تقوم على البراء الكامل الذي لا تقارب فيه، ولذلك قد تكرر البراء في السورة بألفاظ تعطي الحدية الفاصلة التي لا مساومة فيها، فلا يمكن للمسلم أن يعبد أو يقصد أو يتوجه أو يعمل لغير الله عز وجل، وهذا هو معنى توحيد القصد، وتوحيد الإلهية، وتوحيد العبادة.