للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهم الفوارق بين أركان الإيمان وأركان الإسلام]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [كما ذكروا أنه لما أنزل الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:٨٥]، قالت اليهود والنصارى: فنحن مسلمون، فأنزل الله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:٩٧] فقالوا: لا نحج، فقال الله تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران:٩٧].

فإن الاستسلام لله لا يتم إلا بالإقرار بما له على عباده من حج البيت، كما قال صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت)، ولهذا لما وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة أنزل الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:٣]].

من أهم الفوارق بين أركان الإيمان وأركان الإسلام الأربعة الأخيرة: أن أركان الإيمان لا يعذر بها أحد، إذ ليست داخلة في الاستطاعة من حيث إجمالياتها، أما من حيث تفاصيلها فنعم، فهي أمر قلبي لا يعذر به عاقل، لكن يبقى مدى اليقين بها، فهذه أمور تتفاوت بين إنسان وآخر.

أما أركان الإسلام فهي بحسب الاستطاعة، حتى الشهادتين قد يكون الإنسان لا ينطق بالشهادتين، فهو مسلم بالحال، أيضاً قد لا يستطيع أن يصلي، فيجب عليه أن يصلي إلى أدنى حد يومئ به، أو قد لا يكون عنده مال يزكي، فلا شيء عليه، وإنما المقصود إقراره بهذا الركن، إذ إنه لو تمكن لفعل، وكذلك الصيام، والحج، ولذلك الذين يكفرون بترك الحج مطلقاً يخطئون، حتى الذي يستطيع الحج وهو يسوف، وهو بنية أن يحج، ولم ينكر ركن الحج، فمن الصعب أن نقول: إنه ارتد عن الإسلام، فهو إنسان قد توافرت عنده الوسيلة والاستطاعة، لكنه ما حج تساهلاً أو تسويفاً، ففي هذا العام لم يستطع أن يحج، أو لم يرغب في الحج، ثم حج في العام القادم، فالراجح والذي تقتضيه النصوص الكثيرة أنه لا يقال بكفره ما دام مقراً بالحج بقلبه، وناوياً أن يحج وإن سوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>