للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[منتهى الكمال في أسماء الله تعالى وصفاته]

ومنتهى الكمال يرجع إلى ثلاثة أمور: الأول: كمال العلم، فالله عز وجل بكل شيء عليم، وقد ورد من أسمائه وصفاته الدالة على كمال العلم ما لا يمكن أن يأتي البشر بأفضل منه.

الثاني: كمال القدرة، فالله عز وجل على كل شيء قدير، وكل ما يمكن أن يرد في أذهان الناس من وصف كمال القدرة فقد تضمنته أسماء الله وصفاته في الكتاب والسنة.

الثالث: كمال الغنى، فالله عز وجل هو الغني، وكل العباد مفتقرون إليه، ولا يمكن للبشر أن يأتوا بوصف يدل على كمال الغنى أفضل مما ورد في الكتاب والسنة، وعلى هذا فإن ألفاظ الكتاب والسنة في أسماء الله وصفاته كافية لتتضمن كل كمال ممكن أن يرد على أذهان البشر وفي لغاتهم، ومن هنا لا يحتج محتج أو يدعي مدع أنه بحاجة إلى أن يقرر لله من الأسماء والصفات ما لم يرد في الكتاب والسنة، وكما قلت: بأن الأسماء والصفات الواردة في الكتاب والسنة ليست حاصرة لكمال الله، فلله من الكمال ما لا تحيط به العقول، وقد ورد ذلك في كثير من الأحاديث، مثل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك)، أي: أن الله قد استأثر في علم الغيب من الكمال له، والأسماء والصفات ما لم يرد في الكتاب والسنة؛ لأنها فوق مدارك البشر.

وكذلك ما ورد في حديث الشفاعة: أن النبي صلى الله عليه وسلم سيدعو الله في ذلك الموقف العظيم بمحامد يلهمه إياها لم يكن يعرفها في الدنيا، ولاشك أن كمال الله لا يحاط به.

إذاً: بعث الله رسله بإثبات مفصل، فقد فصل الله من أسمائه وصفاته ما فيه الكمال المطلق مما تدركه مدارك البشر، وما لا تدركه مما حجب عنها أعظم وأكثر مما ورد، والله أعلم.

وأما النفي المجمل، فيعني: نفي النقائص عن الله عز وجل، مثل قوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:١١]، فيدخل فيه نفي كل ما يمكن أن يتصور ويرد من النقائص، ومثل قوله عز وجل: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:٣ - ٤]، نفي مجمل لجميع النقائص، ولا نحتاج إلى أن نفصل كما تفعل الفلاسفة وأهل الكلام، فتكثر من كلمة: (لا) في أوصاف الله عز وجل، فيقولون: لا كذا ولا كذا، ولا يفعل كذا ولا كذا، وهذه كلها إساءة أدب مع الله عز وجل، فالله عز وجل يكفي في تنزيهه بالنفي المجمل الذي ورد في الكتاب والسنة، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:١١]، {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:٣ - ٤]، لكن قد يقول قائل: ألم يرد نفي نقائص في القرآن والسنة غير هذه؟

و

الجواب

نعم، قد ورد نفي النقائص التي وردت في عقائد أهل الباطل، ولذلك لا أعرف أن هناك نفياً لم يرد ضد اعتقاد باطل على ألسنة البشر من المشركين والمنافقين والضالين، وكل ما ورد نفيه مما اعتقده أهل الباطل في الله عز وجل هو من النقائص، ولذلك تكفي هذه المجملات، وأما الأسماء والصفات فقد جاءت مفصلة كما هو معلوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>