للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٥ - التأويل]

لغة: اللفظ فى أصل وضعه يعود إلى "الأول " بمعنى الرجوع والعود، فيقال: آل الأمر إلى كذا يؤول أولاً إذا رجع وعاد، آل ما له إلى النصف إذا رجع، ومنه آل مآله يؤوله إيالة إذا أصلحه وساسه بنجاح. وآل لحم الناقة إلى كذا. ومنه الأيِّل وجمعه آيايل وسمى أيلاً لكثرة عوده ورجوعه إلى مكان الظل، أو لأنه سيؤول إلى الجبال يتحصن فيها. فاللفظ فى جميع موارده يفيد معنى العود والرجوع.

قال الأزهرى فى تهذيب++ اللغة: ومن هذا الباب تأويل الكلام وهو عاقبته وما يؤول إليه ويرجع، وذلك قوله تعالى: {هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتى تأويله} (الأعراف ٥٣) بمعنى ما يؤول إليه أمرهم فى وقت بعثهم ونشورهم وهو مصيرهم وعاقبتهم، فالمعنى هو مصائر الأمور وعواقبها. والتأويل ورد فى القرآن الكريم على أحد أمرين مقصورين لا ثالث لهما، الأول: هو عواقب الأمور ومصائرها كما فى الآية السابقة، وكما فى آية آل عمران ٧: {وما يعلم تأويله إلا الله} (آل عمران ٧)، أى عواقب ما أخبر به القرآن.

والمعنى الثانى هو تفسير القرآن وبيان معناه، ومنه قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس] اللهم علمه التفسير وفقهه فى التأويل [". ومن هذا المعنى الأخير قول العرب أوَّلَ الكلام أى: دبره وفسره وأوضح معناه، وعن الليث التأويل: تفسير ما يؤول إليه الشيء، وأبو عبيدة قال: التأويل: المرجع والمصير. ومن هذا الباب قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إنها كائنة ولما يأتى تأويلها بعد) أى: لم يحصل ما أخبرت به الآية {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} (الأنعام: ٦٥).

وعند علماء البيان: التأويل: هو نقل اللفظ من معنى إلى معنى آخر لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلى.

أو هو نقل ظاهر اللفظ عن أصل وضعه إلى ما يحتاج إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ، ونقل المفسرون هذا المعنى إلى مجال التفسير فقالوا: التأويل صرف الآية عن ظاهرها إلى معنى تحتمله، إذا كان المعنى المحتمل الذى تصرف إليه الآية موافقا للكتاب والسنة.

وهو حمل الظاهر على المحتمل المرجوح، فإن حُمِل لدليل فصحيح، أو لما يظن دليلا ففاسد، أولا لشيء فعبث لا تأويل.

والمعنى الوارد فى القرآن الكريم لكلمة التأويل يدور بين التفسير والبيان، أو عواقب الأمور ومصائرها.

أمّا المعنى الثالث: فلم نجد له أصلا فى المعاجم اللغوية المتقدمة ولا فى كتب التفسير بالمأثور. قال الطبرى: {وأحسن تأويلا} (الإسراء٣٥) أى جزاء وعاقبة لأن الجزاء هو الذى صار إليه أمر القوم، وقال مجاهد: أى أحسن ثوابا.

ومن المعانى الحديثة للتأويل، قراءة النصوص بفهم جديد مخالف لما كان عليه فى المادة، فيقال: إعادة تأويل النص، والمقصود إعادة تفسيره بروح العصر. ولفظ التأويل أطلقه القدماء على التفسير، وسمى بعضهم تفسيره للقرآن تأويلا ومنه تأويل القرآن للماتريدى، وغيره، ومنه] تأويل رؤياى [أى تفسيرها، و {إلاّ نبأتكما بتأويله} (يوسف ٣٧) أى تفسيره، {سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا} (الكهف ٧٨) أى تفسيره وبيانه.

أ. د/ محمد السيد الجليند


المرجع
١ - تهذيب اللغة، للأزهرى.
٢ - العين للخليل ابن أحمد.
٣ - مقاييس اللغة لابن فارس تحقيق عبد السلام هارون، دار إحياء الكتب العربية.
٤ - لسان العرب، لابن منظور دار صادر بيروت.
٥ - تاج العروس، للزبيدى.
٦ - جامع البيان عن تأويل آى القرآن، الطبرى ط البابى الحلبى.
٧ - التعريفات، للجرحانى ط الحلبى، القاهرة.
٨ - قانون التأويل، للغزالى.
٩ - رسالة الإكليل فى المتشابه والتأويل، لابن تيمية.

<<  <   >  >>