للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[١٣ - التجسيم]

لغة: جَسُمَ الرجل يَجْسُمُ جَسَامةً، فهو جَسِيمُ وتَجَسَّمْتُ فلاناً من بين القوم، أى اخترته، كأنك قصدت جسمه وتَجَسَّمْتُ الأمر إذا ركبت أجْسَمَه ومعظمه (كما فى اللسان) (١).

والتجسيم: تصور الشيء فى صورة جسم.

واصطلاحا: يقصد به قول المجسمة: أن الله تعالى له جسم، ومحدود، وذو نهاية وقد اختلفت المجسمة فيما بينها فى التجسيم على ست عشرة مقالة منها:

قول هشام بن الحكم: إن الله جسم محدود عريض عميق طويل، طوله مثل عرضه، وعرضه مثل عمقه، نور ساطع، له قدر من الأقدار بمعنى أن له مقدارا فى طوله وعرضه وعمقه لا يتجاوزه فى مكان دون مكان، كالسبيكة الصافية تتلألأ كاللؤلؤة المستديرة من جميع جوانبها، ذو لون وطعم ورائحة ومَجَسِّة، لونه هو طعمه، وهو رائحته، وهو مجسته، وهو نفسه، لون- ولم يثبت لون غيره- وانه يتحرك ويسكن ويقوم ويقعد.

وقد اختلف المجسمة بعد ذلك فى مقدار البارئ تعالى: فقال قائلون: هو جسم، وهو فى كل مكان، وفاضل عن جميع الأماكن، وهو مع ذلك منتاه، غير أن مساحته أكثر من مساحة العالم، لأنه أكبر من كل شيء.

وقال بعضهم: مِساَحَتُه على قدر العالم.

وقال بعضهم: إن للبارئ جسما له مقدار فى المساحة ولا ندرى كم ذلك القدر.

وقال بعضهم: هو فى أحسن الأقدار، وأحسن الأقدار أن يكون ليس بالعظيم الجافى، ولا القليل القَمِىء. وقد اختلفوا فى هل هو فى مكان دون مكان أم لا فى مكان؟ فجماعة منهم أنكروا وجوده فى مكان وأخرى أثبتت أنه فى مكان حيث قالوا: هو جسم خارج من جميع صفات الجسم، ليس بطويل ولا عريض ولا عميق، ولا يوصف بلون ولا طعم ولا مجسة وأنه ليس فى الأشياء، ولا على العرش، إلا على معنى أنه فوقه غير مماس له.

رأى السلف فى أمر التجسيم:

قال أهل السنة: إن الله تعالى ليس بجسم، ولا يشبه الأشياء، وإنه على العرش، كما قال عز وجل:

} الرحمن على العرش استوى {(طه ٥). فلا نقدم بين يدى الله فى القول، بل نقول: استوى بلا كيف، وإنه نور كما قال تعالى:} الله نور السموات والأرض {(النور ٣٥) وإنه تعالى له وجه كما قال تعالى:} ويبقى وجه ربك {(الرحمن ٢٧) وإنه تعالى له يد كما قال تعالى:} خلقت بيدى {(ص ٧٥). وإنه تعالى له عينان كما قال:} تجرى بأعيننا {(القمر ١٤) وإنه تعالى يجىء يوم القيامة هو والملائكة كما قال سبحانه:} وجاء ربك والملك صفا صفا {(الفجر٢٢) وإنه تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كما جاء فى الحديث:" ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعنى فأستجب له؟ .. " (رواه البخارى ومسلم). فلم يقولوا شيئاً إلا ما وجدوه فى الكتاب أو ما جاءت به الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أونقول كما قال الإمام مالك: " الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب ". أو قول الصحابة: العجز عن الإدراك إدراك والتفكر فى ذات الله إشراك.

(هيئة التحرير)

١ - لسان العرب لابن منظور مادة (جسم).


المرجع
١ - مقالات الإسلاميين للأشعرى (١/ ٢٨١) طبعة المكتبة العصرية - بيروت.
٢ - شرح العقيدة الطحاوية، لابن أبى العز الدمشقى (ص.٦) تحقيق شعيب الأرنؤوط ود. عبد الله بن عبد المحسن، طبعة مؤسسة الرسالة- بيروت.
٣ - الملل والنحل، للشهرستانى طبعة الأزهر القاهرة ١٩١٠ م

<<  <   >  >>