للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[١٨ - العرف]

لغة: المعروف وهو خلاف النكر، والعرف: ما تعارف عليه الناس فى عاداتهم ومعاملاتهم (١).

واصطلاحا (٣): هو ما اعتاده الناس وساروا عليه من فعل شاع بينهم، أو لفظ تعارفوا إطلاقه على معنى خاص لم يوضع له فى اللغة، ولا يتبادر غيره عند سماع ذلك اللفظ.

فالعرف: ما يعرفه كل أحد، والعادة: ما يتكرر معاودتها مرة بعد أخرى.

والعرف من الأدلة الشرعية عند الفقهاء، وإليه يحتكم فى كثير من أحكام الفقه الفرعية، وخاصة فى أحكام الأيمان والنذور، والطلاق (٣).

والعرف منه عملى وقولى (٤) فالعرف العملى، قيل: اعتياد الناس بيع المعاطاة من غير وجود صيغة لفظية، وتعارفهم على قسمة المهر فى الزواج إلى مقدم ومؤخر، وتعارفهم على أكل القمح ولحم الضأن.

والعرف القولى، مثل: تعارف الناس إطلاق لفظ "الولد" على الذكر دون الأنثى مع أنه فى الاستعمال اللغوى يطلق عليهما معا، وكذلك تعارفهم على عدم إطلاق لفظ "اللحم" على السمك.

وهناك فرق بين العرف والإجماع (٥). إذ الاجماع هو اتفاق مجتهدى الأمة فى أى عصر، وأما العرف فما يعتاده أكثر الناس من العوام والخواص، فلا يشترط فيه الاتفاق ويكون فيه حظ للعوام أيضا بخلاف الإجماع.

والعرف سواء أكان قوليا أم عمليا نوعان (٦): عرف عام وعرف خاص، فالأول: ما تعارفه غالبية أهل البلدان فى وقت من الأوقات، مثل: تعارفهم عقد الاستصناع واستعمال لفظ الحرام بمعنى الطلاق لإزالة عقد الزواج.

والثانى وهو العرف الخاص: هو ما يتعارفه أهل بلدة أو إقليم أو طائفة معينة من الناس، كإطلاق الدابة فى عرف أهل العراق على الفرس، وجعل دفاتر التجار حجة فى إثبات الديون.

وينقسم ثانيا إلى عرف صحيح وعرف فاسد، فالأول: ما تعارفه الناس دون أن يحرم حلالا أو يحل حراما كتعارفهم تقديم عربون فى عقد الاستصناع، والثانى ما تعارفه الناس ولكنه يحل حراما أو يحرم حلالا كتعارفهم أكل الربا، واختلاط الناس بعضهم ببعض رجالا ونساء فى الحفلات والأندية العامة.

والأصل فى اعتبار العرف قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} الأعراف:١٩٩.

وقول ابن مسعود: إما راه المسلمون حسنا فهو عندالله حسن، وما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سيئ) (٧).

أ. د/على جمعه محمد


الهامش:
١ - لسان العرب لابن منظور ٤/ ٢٨٩٦ دار المعارف المعجم الوسيط لمجمع الغة العربية ٢/ ٥٩٥ دار المعارف ١٩٧٢م.
٢ - أصول الفقه الإسلامى د/وهبة الزحيلى ٢/ ٨٢٨ دار الفكر ١٩٨٦م تيسير أصول الفقة د/محمد أنور البدخشانى، ص ١٥٨ طبعة كراتش بباكستان ١٩٩٠م.
٣ - انظر المرجعين السابقين نفس الصفحات.
٤ - أصول الفقه الإسلامى د/وهبة الزحيلى ٢/ ٨٢٨.
٥ - أصول الفقه د/وهبة الزحيلى ٢/ ٨٢٩٢ تيسير أصول الفقه ص ١٥٨.
٦ - انظر المرجعين السابقين الصفحات المذكورة وما بعدها.
٧ - هذا الأثر روى موقوفا على ابن مسعود، قال الزيلعى فى نصب الراية عنه غريب مرفوعا، ولم أجده إلا موقوفا على ابن مسعود انظر نصب الراية للزيلعى ٤/ ١٣٣ المكتبة الإسلامية ط٢ ١٩٧٣م.

مراجع الاستزادة:
١ - العرف والعادة فى رأس الفقهاء للأستاذ الدكتور/أحمد فهمى أبو سنة ط٢ ١٩٩٢م.
٢ - العرف وأثره فى التشريع الإسلامى مصطفى عبد الرحيم أبو عجيلة طبعة المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان طرابلس ليبيا ط١، ١٩٨٦م.
٣ - الاجتهاد فيما لا نص فيه للدكتور الطيب خضرى السيد ٢/ ١٧٩ وما بعدمكتبة الحرمين بالرياض ١٩٨٣م

<<  <   >  >>