للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٥ - الخراج]

لغة: الخراج من خرج يخرج خروجاً أى برز. والاسم الخراج وأصله ما يخرج من الأرض.

والجمع: أخراج، وأخاريج، وأخرجة (١).

واصطلاحاً: يطلق الخراج على الغلة الحاصلة من الشيء كغلة الدار والدابة، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: " الخراج بالضمان " (رواه أبو داود) (٢).

ويطلق الخراج أيضا على الأجرة، أو الكراء، ومنه قوله تعالى:} فهل نجعل لك خرجًا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا {(الكهف ٩٤)، وقوله تعالى:} أم تسألهم خرجًا فخراج ربك خيرا {(المؤمنون ٧٢). واصطلح الفقهاء للخراج معنيين: معنى عام وآخر خاص.

والخراج بالمعنى العام: هو الأموال التى تتولى الدولة أمر جبايتها وصرفها فى مصارفها.

أما الخراج بالمعنى الخاص: فهو الضريبة التى يفرضها الإمام على الأرض الخراجية النامية. وقد أطلق الفقهاء عدة ألفاظ ومصطلحات على الخراج بالمعنى الخاص منها:

١ - جزية الأرض: وذلك لأن اللفظين (خراج وجزية) يشتركان فى معنى واحد، وهو أن كلا منهما مال يؤخذ من الذمى (٣).

٢ - أجرة الأرض: وذلك لأن الخراج المفروض على الأرض الخراجية النامية بمثابة الأجرة لها (٤).

٣ - الطِّسق: والطسق كلمة فارسية معربة يراد بها الوظيفة المقررة على الأرض (كما فى اللسان) (٥). وأول من استعمل هذه اللفظة فى الإسلام الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حيث كتب إلى عثمان ابن حنيف - رضي الله عنه - فى رجلين من أهل الذمة أسلما- كتاباً جاء فيه: (ارفع الجزية عن رءوسهما وخذ الطسق عن أرضيهما) والخراج واجب شرعا على كل من بيده أرض خراجية نامية سواء أكان مسلماً أم كافرا، صغيرا أم كبيرا، عاقلاً أم مجنونا، رجلاً أم امرأة، وذلك لأن الخراج مؤونة الأرض النامية وهم فى حصول النماء سواء (٦). وأدلة مشروعيته كما قال عمر بن الخطاب: (قد وجدت حجته فى قوله تعالى:

} وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شىء قدير {(الحشر ٦). فقد رأى أمير المؤمنين أن من المصلحة عدم تقسيم الأرض المفتوحة عنوة، ووقفها على جميع المسلمين وضرب الخراج عليها. وأهم ما تقضى به المصلحة فى ذلك:

١ - تأمين مورد مالى ثابت للأمة الإسلامية بأجيالها المتعاقبة ومؤسساتها المختلفة حيث قال عمر - رضي الله عنه -: وقد رأيت أن أحبس الأرضين بعلوجها، وأضع عليهم فيها الخراج، وفى رقابهم الجزية يؤدونها فتكون فيئًا للمسلمين، المقاتلة والذرية ولمن يأتيهم من بعدهم (٧).

٢ - توزيع الثروة وعدم حصرها فى فئة معينة. كما أشار إليه قوله تعالى:} كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم {(الحشر ٧).

٣ - عمارة الأرض بالزراعة وعدم تعطيلها:} وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة {(البقرة ٣٠) وهذا هو قصد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من ضرب الخراج أن تبقى الأرض عامرة بالزراعة فأهلها أقدر من الغانمين على ذلك لتوفر الخبرة والقدرة على الزراعة.

وقد قسم الفقهاء الخراج إلى أنواع باعتبارات مختلفة:

أولاً: باعتبار المأخوذ من الأرض وينقسم إلى قسمين:

(أ) خراج الوظيفة ويسمى أيضا (خراج المقاطعة وخراج المساحة) لأن الوالى ينظر إلى مساحة الأرض ونوع ما يزرع عند توظيف الخراج عليها.

(ب) خراج المقاسمة: وهو أن يكون الواجب جزءاً شائعاً من الخارج من الأرض

كالربع والخمس وما أشبه ذلك. وهذا النوع يتعلق بالخارج من الأرض بالتمكن، فلو عطل المالك الأرض لا يجب الخراج.

ثانيا: باعتبار الأرض التى تخضع للخراج وينقسم إلى قسمين:

(أ) الخراج الصلحى: وهو الخراج الذى يوضع على الأرض التى صولح عليها أهلها على أن تكون الأرض لهم ويقرون عليها بخراج معلوم.

(ب) الخراج العنوى: وأما العنوة فهى الغلبة، فهو كل مال صار للمسلمين على وجه الغلبة، ويوضع الخراج على الأرض التى فتحت عنوة، وبعد أن يقفها الإمام على جميع المسلمين، ويدخل فى هذا النوع:

١ - الخراج الذى يوضع على الأرض التى جلا عنها أهلها خوفا وفزعا من المسلمين.

٢ - الخراج الذى يوضع على الأرض التى صولح أهلها على أن تكون للمسلمين ويقرون عليها بخراج معلوم.

أنواع الأرض الخراجية:

النوع الأول: الأرض التى صالح المسلمون أهلها عليها، إما بتركها لهم وللمسلمين الخراج، أو الأرض للمسلمين ويقر أهلها عليها بخراج معلوم.

النوع الثانى: الأرض التى جلا عنها أهلها خوفا وفزعا وبدون قتال. فهى أرض خراجية.

النوع الثالث: الأرض التى افتتحها المسلمون عنوة.

وقد اختلف الفقهاء فى تقسيمها على المقاتلين. فقال مالك فى رواية ذكرها عنه أحمد: لا تقسم الأرض، وتكون وقفا على المسلمين ويصرف خراجها فى مصالحهم. وقال أبو حنيفة والثورى: الإمام مخير بين أن يقسمها على المسلمين المقاتلين أو يضرب على أهلها الخراج ويقرها بأيديهم. وقال الشافعى: إن الأرض تقسم بين المقاتلين، كما يقسم المنقول إلا أن يتركوا حقهم منها بعوض.

(هيئة التحرير)

١ - لسان العرب لابن منظور، والمصباح المنير، مادة (خرج).

٢ - سنن أبى داود ٣/ ٧٨٠ والتلخيص الحبير ٣/ ٢٢ طبعة شركة الطباعة الفنية الكويت بدون تاريخ.

٣ - شرح منح الجليل على مختصر خليل، عليش ١/ ٧٥٦ طبعة مكتبة النجاح بليبيا، جواهر الإكليل على مختصر خليل، للأبي ١/ ٢٦٦ مطبعة دار إحياء الكتب العربية. القاهرة.

٤ - الأموال أبو عبيد ص ٩٨ مكتبة الكليات الأزهرية. بالقاهرة ط ١، ١٣٨٨هـ/ ١٩٦٨ م.

٥ - لسان العرب لابن منظورهـ مادة (طسق)، الأموال أبو عبيد ص ٨١

٦ - الأحكام السلطانية للماوردى ص ١٤٢، كشاف القناع للبهوتى ٣/ ٩٤، مطبعة النصر الحديثة الرياض.

٧ - الخراج لأبى يوسف ص ٢٤، نيل الأوطار للشوكاش ٨/ ١٨. مطبعة الحلبى. القاهرة.


المراجع
١ - فتح القدير الكمال بن الهمام٥/ ٢٧٩.
٢ - رحمة الأمة فى اختلاف الأئمة على هامش الميزان للشعرانى ٢/ ١٧٤دار إحياء الكتب العربية بمصر.
٣ - المغنى لابن قدامة ٢/ ٧١٦ طبعة دار هجر القاهرة.

<<  <   >  >>