للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[١٨ - الصفويون]

ينسب الصفويون إلى جدهم الأعلى الشيخ صفى الدين الذى ينتسب فيما يقال إلى الإمام موسى الكاظم، فالأسرة بذلك من أولاد الإمام الحسين ومن ذرية الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقد اتجهت هذه الأسرة اتجاها صوفيا فأصبح لها مريدون وأتباع فى موطنهم الأصلى "الأردبيل " ولما كثر هؤلاء الأتباع خافهم حاكم المنطقة فطردهم، فلجأوا إلى ديار بكر فأصبحوا فى رعاية حسن أوزون، وتزوج زعيمهم بنت حسن أوزون، وقاد جيوشه، وكان إسماعيل الصفوى- الشاه إسماعيل فيما بعد- ثمرة هذا الزواج، وقد استطاع إسماعيل أن يجمع أشتات أسرته وأن يجمع أشتات أتباعه، وبعد أن كان رجل دين أصبح قائدا عسكريا، واستطاع أن يعود إلى بلاده، وأن يبدأ فى تكوين مملكة كان لها شأن كبير فى التاريخ.

وحدث الصراع بين أمراء الآق قوينلو والصفويين القوة الجديدة التى قامت فى بلاد فارس، واتجهت هذه القوة إلى الاستيلاء على كل ما بأيدى الآق قوينلو ببلاد فارس والعراق وقد بدأ الصراع بين القوتين، إلا أن كفة الصفويين كانت ترجح دائما، وبخاصة أن ظهورهم بدأ فى فترة كان الخلاف واضحا بين أفراد أسرة الآق قوينلو، ومراحل هذا الصراع كما يلى:

١ - سنة ٩٠٦ هـ عقب مقتل محمدى ميرزا عقدت معاهدة بين المنتصرين ألوند ومراد، بمقتضاها أصبحت أذربيجان وديار بكر إلى ألوند وأصبحت العراق وفارس لمراد.

٢ - سنة ٩٠٧ هـ انتهز الشاه إسماعيل الصفوى فرصة الخلاف والانشقاق فهاجم ألوند فى أذربيجان واضطره للفرار إلى بغداد ثم إلى ديار بكر وتوفى سنة ٩١٠ هـ.

٣ - سنة ٩٠٨ ص انثنى الشاه إسماعيل إلى مراد فالتقى به فى معركة بالقرب من همذان هزمه فيها شر هزيمة، وأرغمه على الفرار إلى بغداد.

٤ - سنة ٩١٤ هـ هاجم الشاه إسماعيل بغداد فاضطر مراد وحاكم بغداد (باديك) إلى الفرار إلى مصركما سبق القول، وسقطت بغداد فى يد الصفويين وتعتبر سنة ٩١٤ هـ/٥٠٨ ١م تاريخا لانقراض دولة الآق قوينلو، وأصبحت العراق تابعة للصفويين وقد تحقق لإسماعيل الصفوى ما أراد، فأسس الأسرة الصفوية، ثم أخذ حكمه يتسع حتى امتد من جيحون إلى خليج البصرة ومن أفغانستان إلى الفرات، واستولى على بغداد سنة ٩١٤ هـ كما ذكرنا من قبل، وأصبحت العراق ولاية تابعة لملك الصفويين الفسيح. وتبعية العراق لبلاد فارس حدث خطير من الناحية الحضارية، فقد أصبح العراق بذلك تابعا لدولة مسلمة شيعية، بعد أن ظل عدة قرون تحت حكم جماعات أقرب للوثنية، وبهذا بدأ الطابع الإسلامى الحقيقى يعود إلى العراق هذا من الجانب الدينى إلا أن الصفويين حاولوا من جانب آخر أن يتجهوا بالعراق اتجاها فارسيا، بحيث يشمل اللغة والتقاليد، وكان هذا الاتجاه على وشك أن يعيد العراق إلى الفارسية كما كانت عليه قبل الإسلام، لولا الزحف العثمانى على العراق.

ولما كان الصفويون شيعة فقد اتجهوا باهتمامهم إلى مناصرة التشيع ونشره بالعراق، وقد بدأ الشاه إسماعيل بذلك، فإنه عقب فتح بغداد أسرع بزيارة العراق، ووفد له شيعة العراق فأكرم وفادتهم، وزار كربلاء والنجف فى إجلال ظاهر، وشيد بناية فخمة على قبر موسى الكاظم، وانثنى إلى قبور أئمة السنة فهدمها وقتل جماعة من السنيين. وبذلك أحيا الصراع الطائفى الذى عرفه العراق بين السنة والشيعة منذ العهد الأول للإسلام: والولاة الصفويون لبغداد هم:

١ - لالا حسين (أول وال فارسى) ٩١٤ هـ

٢ - قثعرز سلطان ٩٢١ هـ.

٣ - ثورة ذى الفقار نخود ٩٣٠ هـ.

٤ - محمد خان بن شرف الدين ٩٣٦ هـ

٥ - تكلو محمد خان ٩٤٠ هـ- ٩٤١ هـ.

وكان هناك حاكم عربى للبصرة، ولكنه كان يدفع إتاوة سنوية إلى الشاه وندب الشاه أحد الخانات ليحكم الموصل.

وكان عهد الصفويين بالعراق عهد استقرار نسبى، وقد تقاطر التجار الفرس إلى بغداد وسكنوها، وبدأ النشاط الاقتصادى يأخذ طريقه، ولكن فترة الصفويين بالعراق كانت قصيرة، حيث امتدت حدود الأتراك العثمانيين حتى تاخمت حدود الصفويين، وكان الخلاف الطائفى بين أهل السنة والشيعة حادا فاستلزم صراعا بين القوتين الكبيرتين وامتد الصراع إلى بغداد، ورجحت فيه كفة الأتراك العثمانيين، إلا أن الحكم الصفوى استطاع أن يعود مرة أخرى سنة ٦٢٣ ١م وكان ذلك فى عهد الشاه عباس الذى شجعه على أطماعه ضعف الدولة العثمانية، وقد حاصر الشاه بغداد حصارا طويلا، مما دفع أهلها الجائعين إلى أن يأكلوا لحوم البشر، وفى وسط هذه الأزمة الطاحنة حدثت حوادث مفزعة بين أهل السنة والشيعة، فقد صلب أهل بغداد الفرس الشيعيين وألقوا برؤوسهم إلى المحاصرين وعلقوا أجسامهم على الأسوار، وانتقاما لذلك قضى جنود الشاه عباس عندما استولوا على بغداد على أهل السنة قضاء تاما، ولم يدعوا أثرا لأبنية بغداد الشاهقة، حتى جامع أبى حنيفة وعبد القادر الجيلانى أصبحا أنقاضا.

لكن كان عمر هذا النصر الصفوى قصيرا، إذ استطاع ا. لسلطان العثمانى مراد الرابع استعادة بغداد لآخر مرة سنة ٦٣٨ ١م وأوقع بالجيش الشيعى مثل ما أوقعه الشيعة بأهل السنة من دمار، ثم تم الصلح مع الصفويين وتم تثبيت الحدود بين الدولتين. وأصبحت العراق جزءا من الإمبراطورية العثمانية.

(هيئة التحرير)


المراجع
١ - السلوك فى معرفة الدول والملوك للمقريزى.
٢ - دول الإسلام للذهبى.
٣ - تاريخ اليعقوبى لليعقوبى.
٤ - عقد الجمان فى تاريخ أهل الزمان للعينى طبعة الهينة العامة للكتاب.
٥ - الإسلام والحضارة العربية محمد محمود على.
٦ - البلاد العربية والدولة العثمانية ساطع الحصرى.
٧ - تاريخ دول الإسلام رزق الله الصدفى.

<<  <   >  >>