للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٣١ - القياس]

لغة: التقدير والمساواة، ولا يكون ذلك إلا بين شيئين كما فى اللسان (١)

واصطلاحا: عرفه الأصوليون بأنه: (٢) مساواة فرع لأصل فى علة حكمه، أو بأنه: حمل معلوم على معلوم فى إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من حكم أو صفة. وعرفه المناطقة بأنه (٣) قول مؤلف من قضايا متى سلمت لزم عنها لذاتها قول آخر.

مثال القياس الشرعى: قياس النبيذ على الخمر فى الحرمة بجامع وجود الإسكار فى كل منهما. وهذا المثال يظهر منه أركان القياس الشرعى وهى: الأصل، والفرع، وحكم الأصل، والعلة الجامعة بين الفرع والأصل. فالخمر أصل يقاس عليه ورد تحريمه بنص الكتاب الحكيم {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} (المائدة ٩٠)،والنبيذ فرع يقاس على الخمر، وحكم الأصل هو الحرمة الثابتة بالنص، والعلة الجامعة بينهما هى الإسكار الموجود فى الفرع كما هو موجود فى الأصل. مثال القياس المنطقى: العنب فاكهة، وكل فاكهة لذيذة الطعم، العنب لذيذ الطعم فهذا المثال يظهر القياس المنطقى وقد ألف من مقدمتين نتج عنهما نتيجة وللقياس الشرعى أقسام عدة من عدة اعتبارات، فمن حيث القوة ينقسم إلى: قياس جلى، وقياس خفى. والجلى كقياس الضرب على التأنيف بالنسبة للوالدين، والخفى كقياس القتل بالمثقل على القتل بالمحدد فى وجوب القصاص فى كل بجامع القتل العمد العدوان.

وينقسم ثانيا بحسب اقتضاء العلة الجامعة للحكم إلى: قياس أولى، وقياس أدنى، وقياس مساو. فإن كان الفرع أولى بالحكم من الأصل فهو الأول كقياس الضرب على التأفيف فالعلة وهى الإيذاء فى الفرع وهو الضرب أقوى من الأصل وهو التأفيف، وإن كانت العله متساوية فيها فهو القياس المساوى كقياس إحراق مال اليتيم على أكله بجامع التلف فى كل منهما ليثبت التحريم فى الإحراق كما نبت فى الأكل، وان كانت العلة فى الفرع أقل منها فى الأصل فهو قياس الأدنى كقياس النبيذ على الخمر فى الحرمة بجامع الإسكار (٤).

وهناك تقسيمات أخرى للقياس الشرعى ذكرها الأصوليون فى كتبهم فليرجع إليها، واعلم أن القياس هو رابع الأدلة المتفق عليها بين الفقهاء، ولم ينكره إلا من لا يعتد به من أهل الأهواء والبدع، وهو مجال خصب كأحد أهم أصول التشريع الإسلامى، لأنه من المعلوم أن النصوص متناهية والوقائع غير متناهية فيضطر إلى قياس ما لا أصل له من كتاب أو سنة على ما له أصل إن وجد الجامع بينهما المستمد.

أما القياس المنطقى فإنه ينقسم أولا الى قياس اقترانى، وقياس استثنائى (٥). فالاستثنائى: ما ذكرت فيه النتيجة أو نقيضها بصورتها ومادتها، مثل: كلما كان هذا جسما كان متميزا، لكنه جسم ... هو متميز. فالنتيجة: هو متميز، مذكورة فى القياس بصورتها ومادتها، ولكنها خالية من الحكم، وسمى هذا استثنائيا، لذكر أداة الاستثناء فيه، وهى لكن.

والإقترانى: هو الذى لم تذكر فيه النتيجة ولا نقيضها بالفعل، مثل: العدل فضيلة، وكل فضيلة يجب التحلى بها ... العدل يجب التحلى به.

فهذه النتيجة: العدل يجب التحلى به، لم تذكر فى القياس بصورتها وهيئتها، وإنما ذكرت فقط بمادتها، وسمى هذا اقترانيا، لاقتران الحدود فيه، أو لذكر أداة الاقتران فيه وهى الوراء. وينقسم الاقترانى بدوره إلى حملى وشرطى، ولكل منها تقسيمات وتركيبات مبسوطة فى كتب المنطق.

واعلم أن القياس المنطقى بقسميه الاقترانى والاستثنائى أحد أنواع الاستدلال عند الأصوليين المتفق عليها، ويعتبرونها من الأدوات المهمة التى تحكم ذهن الفقيه عند البحث فى الأصول الشرعية من نص أو كتاب أو قياس علة، بل إنها تعتبر مجموعة من الضوابط لطلب الدلالة من الدليل الشرعى على الحكم، وقد اعتبره أحد أنواع الاستدلال من الأصوليين الآمدى وابن الحاجب وابن السبكى وغيرهم كثير.

أ. د/ على جمعة محمد

١ - لسان العرب لابن منظور ٥/ ٣٧٩٣ دار المعارف المعجم الوسيط ٢/ ٧٧٠ دار المعارف ١٩٧٢م

٢ - مختصر المنتهى بشرح العضد ٢/ ٢٠٤ وما بعدها الأميرية الكبرى ١٣١٧هـ شرح المحلى على جمع الجوامع ٢/ ١٧٣ دار الفكر ١٩٩٥م- المستصفى للغزالى ومعه فواتح الرحموت ٢/ ٥٤ الأميرية الكبرى بمصر.

٣ - المرشد السليم فى المنطق الحديث والقديم د. عوض الله حجارى ص ١١٩ الطبعة الأولى دار الطباعة المحمدية.

٤ - أصول الفقه الإسلامى د. وهبة الزحيلى ١/ ٧٠٢ وما بعدها، دار الفكر، طبعة أولى ١٩٨٦م.

٥ - المرشد السليم فى المنطق الحديث والقديم مما ١٢ وما بعدها.


المراجع
١ - الفائق فى أصول الفقه، لصفى الدين الهندى تحقيق د/ على عبد العزيز العميرينى ٤/ ٥ وما بعدها، طبعة السعودية ١٤١٣ هـ.
٢ - تقريب الوصول إلى علم الأصول، لابن جزىَ، تحقيق محمد المختار الشنقيطى ص٣٤٣ مكتبة ابن تيمية، الطبعة الأولى ١٤١٤ هـ.
٣ - الصالح فى مباحث القياس عند الأصوليَن د. السيد صالح عوض طبعة أولى ١٩٨٨م مدار الشافعى للطباعة بالمنصورة.
٤ - شرح السلم فى المنطق للاخضرى تأليف عبد الرحمن فرج الجندى ص٥٨ وما بعدها، دار القومية العربية للطباعة

<<  <   >  >>