للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٦ - الداعي]

لغةً: دعا دعواً ودعوة دعا الله: رجاه وابتهل إليه، ودعا إلى الدين وإلى المذهب: حثّ على اعتقاده، والداعى اسم الفاعل من الفعل دعا، وهو الذى يدعو لدين أو مذهب (١)

واصطلاحاً: الداعى من يقوم بدعوة حركية تسعى لتحقيق أهداف معينة حددها مقدما، وأعلن عنها كمحور للنشاط المنبعث من مذهبه.

وقيل: هو من يقوم بدعاية منظمة وفق أسس فنية، تهدف إلى أغراض معينة ومحددة. (٢)

وقيل: هو من يقوم بدعوة الجماهير ومخاطبة المجموع لتحقيق أهداف عن طريق التكتل الجماهيرى والوحدة الحركية. (٣) وظهور مصطلح الدعاة ارتبط بظهور التشيع على مسرح الحياة الإسلامية، حيث قام أفراد بالدعوة، ولم يصبح هذا اللفظ من المصطلحات التى لها مدلولها الخاص إلا بعد ظهور فرقة الإسماعيلية الباطنية، عقب وفاة جعفر الصادق (١٤٨هـ) فقد جعل الإسماعيلية نظاما خاصا لنشر دعوتهم التى كانت سرية، وبفضل هذا النظام وجهود الدعاة ثم تأسيس الدولة السياسية التى عرفت فى التاريخ بالدولة الفاطمية (٢٩٦ - ٩٦٣ هـ).

وكان الدعاة هم الركيزة الأولى التى اعتمد عليها الخلفاء الباطنيون فى طغيانهم واستبدادهم لأن عملهم كان خدمة السلاطين، وكانوا كثيرا ما يشجعونهم على الاستبداد والطغيان، وكانت مهام الدعاة ترتكز على أربعة مستويات:

١ - علمى: وهو القيام بالدعوة وتلقين أصول المذهب.

٢ - سياسى: وهو تجميع الناس حولهم ودعوتهم إلى خلع الخليفة العباسى وطاعة الخليفة الباطنى.

٣ - مالى: وهو جمع الأموال من الناس وإرسالها إلى الخليفة بعد خصم النفقات اللازمة لهم أثناء تأدية أعمالهم.

٤ - إدارى: وهو تقسيم البلاد أقساما إدارية حسبما يرون، وأن يأخذوا العهد على من يولونه على كل قسم نيابة عن الخليفة وهذه المهام الأربعة مجتمعة مهام سياسية بالدرجة الأولى تخدم الخليفة وتدعم سلطانه المطلق، وتقوى من إحكام قبضته على الشعب.

وقد كانت للدعاية السياسية عند الباطنية خصائص منها:

(أ) أنها تعبر عن عقيدة سياسية ذات جوهر دينى.

(ب) أنها دعاية تشهيرية وتحريضية ضد النظام القائم.

وكانت العلاقة بين الدعاة والأئمة قائمة على أساس المنفعة المتبادلة بين الطرفين فالأئمة يعتمدون على الدعاة فى تدعيم مركزهم السياسى وبسط نفوذهم على الشعب، والدعاة يحصلون فى مقابل ذلك على النفوذ والشهرة والإقطاعات والأموال الطائلة، فها هو ذا واحد من أشهر الدعاة والملقب بفيلسوف الدعوة أحمد حميد الدين الكرمانى يتحدث عن النعم الكثيرة التى أولاه إياها الحاكم بأمر الله فيقول: "وقضاء بحق النعمة فيما أولانيه ولى الله فى أرضه صلوات الله عليه وبركاته التى أصبحت بها فى نعمة تامة وروضة مدهامة ماؤها معين وهواؤها على المراد معين، وكأنها حور العين، ثم شكرا على الموهب، وطلبا للأجر والمثوبة" (٤).

ودرجات الدعاة عند الإسماعيلية هى:

١ - الباب، وهى أعلى درجات الدعاة، ولما يصل إليها إلا أفراد قلائل، وأحيط من يشغل هذه الدرجة بسرية تامة حتى فى عصر الظهور.

٢ - الحجة أو داعى الدعاة ويكون بجانب الإمام وله الإشراف على كل شىء يتصل بالدعوة.

٣ - داعى البلاغ، وله رتبة الاحتجاج.

٤ - الداعى المطلق، وله رتبة تعريف التأويل بالباطن.

٥ - الداعى المحدود، وله التعريف بالعبادات الظاهرة.

٦ - الداعى المأذون، وله أخذ العهد والميثاق.

٧ - الداعى المكالب أو المكاسر، وهو الذى يشكك الناس فى عقائدهم، يستميلهم إلى مذهب الإسماعيلية. (٥)

ومن أشهر الدعاة دعاة الإسماعيلية فمنهم الحسين بن حوشب بن زادان وأبو حاتم الرازى صاحب كتاب الزينة وأبو يعقوب السجزى أستاذ شيخ الدعوة الأكبر أحمد حميد الدين بن عبد الله الكرمانى، والداعى هبة الله بن موسى الشيرازى المعروف بالمؤيد فى الدين داعى الدعاة مناظر أبى العلاء المعرى، ومنهم عبدان وحمدان قرمط، وهم من دعاة القرامطة، وهى فرقة انشقت من الفرقة الإسماعيلية (٦).

(هيئة التحرير)

١ - المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية القاهرة مادة (دعو) ١/ ٢٩٦.

٢ - بحوث فى السياسة د/ سويلم العمرى ص ٣٤٤ ط االأنجلو المصرية- القاهرة سنة ١٩٥٣ م

٣ - الفلسفة السياسية عند إخوان الصفا- د/محمد فريد حجاب ص ١٤٢ ط الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة ١٩٨٢ م.

٤ - راحة العقل- تأليف أحمد بن حميد الكرمانى ص ٨٤ تحقيق د/ مصطفى غالب- ط دار الأندلس بيروت ط ثانية ١٩٨٣ م.

٥ - السابق: ص ١٣٨.

٦ - دائرة المعارف الإسلامية مادة الداعى ٧/ ٩٤ - هـ ٩.


المراجع
١ - عيون الأخبار وفنون الآثار فى فضائل الأئمة الأطهار: للداعى عماد الدين القرشى- تحقيق د/ مصطفى غالب ط دار الأندلس بيروت ط أولى ١٩٨٣ م.
٢ - الفكر السياسى عند الباطنية وموقف الغزالى منه. د/ أحمد عرفات القاضى، ط الهيئة المصرية العامة للكتاب / القاهرة ١٩٩٣م ط أولى.
٣ - كشف أسرار الباطنية وأخبار القرامطة، محمد بن مالك الحمادى، تحقيق سهيل زعار، ط ثانية ٩٧٥ام.
٤ - بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الآثمة الأطهار- محمد باقر المجلس، ط ثالثة دار إحياء التراث بيروت د. ت.
٥ - مذاهب ابتدعتها السياسة فى الإسلام- عبد الواحد الأنصارى ط مؤسسة الأعلمى بيروت ط أولى١٩٧٣م.
٦ - الحركة الباطنية فى الإسلام د/ مصطفى غالب ط ١٩٨٢ بيروت.

<<  <   >  >>