للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٩ - الكرسي]

إصطلاحا: العرش والكرسى لفظان مترادفان ويقصد بهما الجسم المحيط بجميع الأجسام سمى به لإرتفاعه أو للتشبيه بسرير الملك فى تمكنه عليه عند الحكم لنزول أحكام قضائه وقدوه منه ولا صورة ولا جسم ثمة (١). قال الحسن: إنه جسم عظيم يسع السموات والأرض وهو نفس العرش لأن السرير قد يوصف بأنه عرش وبأنه كرسى وكل واحد منهما يصح التمكن عليه.

وقال بعض العلماء هذا هو الكرسى المذكور فى قوله تعالى: {وسع كرسيه السموات والأرض} (البقرة ٢٥٥) وقد اشتهرت الآية بآية الكرسى.

وقيل: كرسيه موضع قدميه والعرش لا يقدر قدره، وقيل: قدرة الله تعالى، وقيل: تدبيره، وقيل: مجاز سكن العلم من تسمية الشيء بمكانه لأن الكرسى مكان العلم الذى فيه العلم، فيكون مكانا للعلم بتبعيته لأن العرض يتبع المحل فى التحيز.

وقيل: المراد من الكرسى أن يكون السلطان والقدرة والملك لله تعالى، لأن الألوهية لا تحصل إلا بهذه الصفات. والعرب تسمى أصل كل شيء الكرسى. أو لأنه تسمية للشيء باسم مكانه فإن الملك مكانه الكرسى.

قال النيسابورى: المراد به العلم لأن العلم هو الأمر المعتمد عليه، ومنه يقال للعلماء كراسى الأرض، كما يقال: هم أوتاد الأرض وقيل: ففى الكلام استعارة تمثيلية وليس ثمة كرسى وهذا رأى معظم الخلف (٢).

وقيل إن المقصود من الكلام تصوير عظمة الله وكبريائه، وتقدير ذلك أنه يخاطب الخلق فى تعريف ذاته وصفاته بما اعتادوا من ملوكهم.

وقد قالت المشّبهة لو كان الله على العرش، لم يكن لحمله فائدة، وأكدوا شبهتهم بقولهم: يومئذ تعرضون للمحاسبة والمساءلة فلو لم يكون إله حاضراً لم يكن للعرض معنى. وأجيب بأن الدليل على أن حمل الإله محال ثابت، فلا بد من التأويل، وهو أنه تعالى خاطبهم بما يتعارفونه، فخلق لنفسه بيتا تزورونه وليس ليسكن فيه، وجعل فى ذلك البيت حجزا لتقبلونه، إذ كان من شأنهم أن يعظموا رؤساءهم بتقبيل أيمانهم وجعل على العباد حفظه لا لأن النسيان يجوز عليه بل لأنه المتعارف، كذلك لما كان من شأن الملك إذا أراد محاسبة عماله أن يجلس لهم على سرير ويقف الأعوان حواليه، صور الله تعالى تلك الصور المهيبه لا لأنه يقعد على السرير. ولهذا قال النيسابورى فى تفسير قوله تعالى: {ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية} (الحاقة ١٧): لا أدرى ثمانية أشخاص أو ثمانية آلاف أو ثمانية صفوف.

وجملة ما اتفق عليه جمهور أهل السنة:

أنه تعالى له ما أثبته سبحانه لنفسه أو، اثبته له رسوله وبلا تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، ومنه: إثبات استواء الله على عرشه كما يليق بجلاله (٣).

(هيئة التحرير)


المراجع
١ - التعريفات للجرجانى. طبعة الحلبى ص ١٣٠
٢ - روح المعانى للألوسى طبعة دار إحياء التراث العربي القاهرة ١٠/ ٣ - ٤.
٣ - دائرة المعارف الإسلامية، محمد فريد وجدى طبعة دار المعرفة بيروت٦/ ٣٣١.

<<  <   >  >>