للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٣٢ - المشرق العربي]

اصطلاحا: هو مصطلح ربما أطلقه مسلمو شمال أفريقيا والأندلس على العرب إلى الشرق منهم، ابتداء من مصر وما وراءها شرقا حتى حدود بلاد فارس. ويشمل المشرق العربى الآن: مصر، السودان، فلسطين، الأردن، لبنان، سوريا، العراق، السعودية، الكويت، البحرين، قطر، الإمارات، عمان، اليمن.

وتبلغ مساحة المشرق مجتمعة سبعة ملايين و ٣٢٨ ألف كيلو متر مربع وتساوى نحو ٥٥% من مساحة كل العالم العربى، وتساوى ٥.٦% من مساحة دول العالم.

وتعد السودان أكبر دول المشرق مساحة (نحو ٢.٥ مليون كم) وأصغرها البحرين (٦٩٠كم٢). وتبلغ جملة أعداد السكان ١٧٤ مليون شخص، وهو ما يعادل ٧١% من مجموع سكان الدول العربية، وما يعادل ٣% فقط من مجموع سكان العالم.

وتعد مصر هى أكثر دول المشرق سكانا (٦٦ مليونا) وأصغرها البحرين (٥٧٧ ألف شخص) والقاهرة أكبر العواصم (نحو ١٦ مليونا) تليها بغداد (أربعة ملايين) ثم الرياض وبيروت (نحو مليونين لكل منهما)، وأصغرها القدس الشرقية والمنامة ومسقط (أقل من مائتى ألف لكل منها).

والإسلام هو دين ما بين ٩٠ إلى١٠٠% من العرب، والسنة هى المذهب السائد عدا أنواع من الشيعة فى جنوب العراق ولبنان وغرب سوريا وأجزاء من اليمن. والكنائس الشرقية والغربية فى لبنان وسوريا ومصر وجنوب السودان، السلالة السائدة هى " الشرقية" (فرع من سلالات البحر المتوسط) مع قليل من مؤثرات سلالة "الأرمن القدماء". و "العربية" هى اللغة السائدة، وهى أكبر فروع عائلة اللغات السامية، ثم مجموعة من اللغات "السودانية" فى جنوب السودان.

من حيث موارد المياه ينقسم المشرق إلى نمطين: دول وفرة فى المياه الجارية أو الأمطار، وبالتالى تمتلك منذ بضعة آلاف من السنين مساحات زراعية وفيرة واقتصادية ذات ثبات، ومدن وممالك مغرقة فى القدم، ودول فقيرة فى المياه عمادها الاقتصادى كان الرعى والسكن الدائم فى الواحات.

والنمط الأول تجرى فيه أنهار ذات تاريخ أهمها النيل فى مصر والسودان، والفرات ودجلة فى سوريا والعراق. وعلى صغر نهر الأردن إلا أنه يشغل حيزا هاما فى تاريخ الأديان، ويثير الآن مشكلات سياسية بين سوريا ولبنان والأردن وإسرائيل وفلسطين. وتتميز بعض المناطق بوفرة الأمطار وخاصة جنوب السودان، وفى لبنان وغرب سوريا وشمال العراق وغرب اليمن.

النمط الثانى يتمثل فى دول الجزيرة العربية وبادية الشام فى سوريا والأردن والعراق وفى الصحارى المصرية والسودانية. لكن ظهور البترول والغاز فى بلاد هذا النمط عوضها الفقر التقليدى وأسس أشكال حياة المدن الكبيرة مثل الرياض والكويت وجدة وانعكس ذلك على مقياس متوسط الدخل الفردى السنوى فأصبح أعلاها فى دول الخليج (أكثر من عشرة آلاف دولار سنويا) بينما ظلت دول النمط الأول علّى منوالها السابق مع تحسن نتيجة التنمية الاقتصادية، لكنها كلّها أقل من ثلاثة آلاف دولار. أعلى دخل فردى يظهر فى الإمارات والكويت نحو ١٧ ألف دولار سنويا) بينما تمثل اليمن والسودان دخلا فرديا متدنيا أقل من ٦٠٠ دولار.

وترجع أهمية المشرق العربى إلى أسباب عديدة وخاصة فى تاريخ الحضارات، وتاريخ الأديان، وعلاقات الموقع التجارية والسياسية.

ففى المنطقة نشأت أقدم الحضارات العليا المعروفة والتى ترجع إلى أكثر من سبعة آلاف سنة فى مصر والعراق، ونحو أربعة آلاف سنة فى فلسطين ولبنان وسوريا واليمن. وفى المشرق ظهرت الديانات السماوية الثلاث:

اليهودية فى مصر ثم فلسطين، المسيحية فى فلسطين وخاتمها الإسلام فى الحجاز، فالمشرق قبلة سكان العالم من أتباع هذه الديانات، وفيه أقدس الأماكن فى القدس الشريف ومكة المكرمة والمدينة المنورة يحج إليها ملايين الناس سنويا. والعلاقات المكانية الجغرافية للمشرق جعلته ملتقى طرق التجارة العالمية منذ القدم من الصين والهند وأفريقيا وأوروبا عبر المحيط الهندى والبحرين المتوسط والأسود، وعبر الطرق البرية من وسط آسيا وأفريقيا المدارية.

وتحتوى المنطقة على أكبر احتياطى عالمى للبترول.

هذه العوامل مجتمعة جعلت المشرق منطقة تصادم القوى السياسية العالمية مع المصالح القومية العربية، وخاصة القضية الفلسطينية والأطماع الصهيونية.

أ. د/ محمد رياض


المراجع
١ - الكامل فى التاريخ، لابن الأثير.
٢ - الدرة الثمينة فى تاريخ المدينة (تحقيق لجنة من العلماء)، مكتبة النهضة الحديثة ص ٣٩٠.
٣ - كتاب دول الإسلام: الذهبى ٢/ ٧٠، ٧٩.

<<  <   >  >>