للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٢٢ - التدوين]

لغة: الجمع. يقال: دوَّن الكتب: جمعها كما فى الوسيط (١) لأن جمع الأشياء إدناء بعضها من بعض وحقيقة التدوين أنه يكون للمسائل المتشاركة فى موضوع واحد (٢). والعلوم المدونة على نوعين، أحدهما: ما دونه المتشرعة لبيان ألفاظ القرآن الكريم أو السنة النبوية لفظاً أو إسناداً، أو لإظهار ما يقصد منهما وبيان ما يستفاد من أحكام أصلية اعتقادية أو أحكام فروعية عملية ومن هذا النوع علم الحديث وأصوله والفقه وأصوله.

والنوع الثانى: ما دونه الفلاسفة لتحقيق مقاصدهم من فنهم (٣).

والتدوين بالمعنى الأول عرف من عهد قديم فقد تم تدوين القرآن الكريم فى عصر النبوة الأولى فى عهده - صلى الله عليه وسلم - على الرقاع والألواح والعظم وغيرها على ما هو معلوم وقد اتخذ - صلى الله عليه وسلم - كَتَبةً يدونون له أمر الوحى. وقد ورد لنا خبر صحف دوَّن بها حديث النبى - صلى الله عليه وسلم -، ومن هذه الصحف: صحيفة وهب ابن منبه، وصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص، وصحيفة عمرو بن حزم فى إبل الصدقة، وهى صحف مشهورة صحّت نسبتها إلى أصحابها بالسند المتصل كما وردت صحف أخرى قريبة من عهد النبوة تصف أخباراً للنبى - صلى الله عليه وسلم - وتنبئ عن سنته منها: نسخة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومنها نسخة بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وشهرتهما كبيرة وصحة نسبتهما إلى صاحبيهما ثابتة بالسند المتصل الموثوق به. وأول من أمر بالتدوين هو الخليفة الراشد الخامس عمر بن العزيز - رضي الله عنه - حيث أمر بتدوين السنة المشرفة وجمعها فى دواوينها كما هو معلوم.

وفى القرن الثانى: وجدنا الفقه الأكبر للإمام أبى حنيفة وقد دوَّن فيه علم التوحيد، ووجدنا المدونة للإمام مالك بن أنس برواية سحنون، والموطأ الوارد إلينا بأكثر من أربعين رواية، والخراج لأبى يوسف صاحب أبى حنيفة وقد دوَّنه لترتيب وتنظيم الموارد العامة للدولة الإسلامية بناء على طلب من هارون الرشيد، وهناك مؤلفات محمد بن الحسن الشيبانى صاحب أبى حنيفة وله التصانيف الفائقة الرائقة منها: السير الكبير الذى تحدث فيه عن العلاقات الدولية، والجامع الكبير والصغير وغيرهما من كتب الفقه الحنفى، وهناك أيضا الرسالة للإمام الشافعى والتى دوَّن فيها أصول الفقه كأول كتاب فى هذا الفن وكتب الشافعى المدونة فى الفقه وغيره كثير، ثم توالت بعد ذلك المدونات وانتشر التدوين مما أشعر بأهميته القصوى إذ حفظ على الأمة مصادرها، وجعلها أكثر اتصالا بواقعها المعاش، وأوجد تفاعلا بينها وبين دينها، وقد مكن التدوين من نقل العلم شفاهة وكتابة، وقيَّد الشوارد فهو من أولى الواجبات.

ا. د/ على جمعة محمد

١ - المعجم الوسيط ١/ ٣١٦ مادة (دون) دار المعارف، ط ٣.

٢ - الكليات، لأبى البقاء الكفوى ٢/ ٣٤٣ وزارة الثقافة والإرشاد القومى دمشق ١٩٧٥ م.- دائرة معارف الأعلمى المسماة، مقتبس الأثر ومجدد ما دثر، ١٤/ ٣٦ مؤسسة الأعلمى للمطبوعات بيروت ١٣٨٥ هـ/١٩٦٥ م ط أولى.

٣ - أبجد العلوم لصديق حسن خان ١/ ٤٤ وما بعدها منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومى، دمشق ١٩٨٧ م


المرجع
١ - مباحث فى علوم الحديث، لمنَّاع القطان، مكتبة وهبة ط٢ ١٤١٢ هـ/ ١٩٩٢ م.
٢ - مباحث فى علوم القران، لمنَّاع القطان، مؤسسة الرسالة ١٨ ٤ ١ هـ/ ١٩٩٨ م

<<  <   >  >>