للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٣ - القُرْب

لغة: قرّبه: أدناه،} واقترب الوعد {(الأنبياء٩٧)، وتقارب. والقرابة: القرب فى الرحم، قرب الشىء قربا وقربانا: دنا فهو قريب. وتقرب إلى الله بشىء أى طلب به القربة عند الله تعالى. وقوله فى الحديث "سددوا وقاربوا ": أى اقتصدوا فى الأمور كلها، واتركوا الغلو فيها والتقصير، يقال قارب فلان فى أموره إذا اقتصد.

واصطلاحاً: القرب خلاف البعد. والقربة: ما يتقرب به إلى الله تعالى من أعمال البر.

وقد وردت مشتقات قرب فى القرآن بمعان متعددة منها:

اقترب فى قوله تعالى:} كلا لا تطعه واسجد واقترب {(العلق ١٩) بمعنى تقرب إلى ربك.

وقربات جمع قربة وهو ما يتقرب به إلى الله. وذلك فى قوله تعالى:} ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم {(التوبة ٩٩). والله قريب أى عليم بأحوال عباده قال تعالى:} وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان {(البقرة ١٨٦).

والمقربون ذوو القرب والمكانة من الله قال تعالى:} لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون {(النساء ١٧٢) وقوله:} والسابقون السابقون. أولئك المقربون {(الواقعة ١٠،١١)

وأول رتبة فى القرب القرب من طاعته، والاتصاف فى دوام الأوقات بعبادته. وفى الحديث القدسى الذى رواه البخارى "من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلىَّ عبدى بشىء أحب إلىَّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدى يتقرب إلىَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به، وبصره الذى يبصر به، ويده التى يبطش بها، ورجله التى يمشى بها، ولئن سألنى لأعطينه، ولئن استعاذنى لأعيذنه ". فقرب العبد أولا قرب بإيمانه وتصديقه، ثم قرب بإحسانه وتحقيقه.

وقرب الحق سبحانه وتعالى، ما يخصه اليوم به من العرفان، وفى الآخرة ما يكرمه به من الشهود والعيان، وفيما بين ذلك من وجوه اللطف والامتنان، ولا يكون قرب العبد من الحق إلا ببعده عن الخلق، وهذه من صفات القلوب دون أحكام الظواهر والكون. وقرب الحق سبحانه بالعلم والقدرة عام للكافة، وباللطف والنصرة خاص بالمؤمنين، ثم بخصائص الأنس بالله مختص بالأولياء. قال تعالى:} ونحن أقرب إليه من حبل الوريد {(ق ١٦)

ومن تحقق بقرب الحق سبحانه وتعالى فأقله دوام مراقبته إياه؛ لأن عليه رقيب التقوى، ثم رقيب الحفظ والوفاء، ثم رقيب الحياء. ولقد قالوا: أوحشك الله من قربه آن من شهودك لقربه، فإن الاستئناس بقربه من سمات العزة،.

فأما القرب بالذات فتعالى الله الملك الحق عنه. فإنه متقدس عن الحدود، مسبوق به، جلت صمديته عن قبول الوصل والفصل. فقرب هو فى ذاته محال، وهو تدانى الذوات. وقرب هو واجب فى نعته؛ وهو قرب بالعلم والرؤية. وقرب هو جائز فى صفته، يخص به من يشاء من عباده، وهو قرب الفضل باللطف.

(هيئة التحرير)


المراجع
١ - لسان العرب ابن منظور ١/ ٦٢٢ - ٦٦٨، دار صادر، بيروت.
٢ - دائرة معارف القرن العشرين، محمد فريد وجدى، ٧/ ٧٣٤ وما بعدها.
٣ - الرسالة القشيرية، للإمام القشيرى، ١/ ٢٣٦ - ٢٣٩ تحقيق د/ عبد الحليم محمود. ومحمود بن شريف، دار الكتب الحديثة
٤ - معجم ألفاظ القرآن الكريم مجمع اللغة العربية.

<<  <   >  >>