للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٤ - الضوء]

لقد تقدم العلم بقدر كبير نحو تجلية ماهية الضوء، فقد استنتج أينشتين أن الضوء إشعاع، والإشعاع هو صورة من صور الطاقة، والطاقة لها كتلة، والكتلة (وهى مادة الكون) تتأثر بقوة الجاذبية. وتكون نتيجة ذلك أن الضوء المار خلال الكون يجب أن ينجذب إلى الأجرام السماوية المختلفة، كما لو كان كوكبا صغيرا يتحرك بسرعة الضوء وبمعنى آخر إذا كان للضوء كتلة فيجب أن ينثنى بعيدا عن مسيره كلما حدث أن قرب من جرم سماوى. واقترح أينشتين تجربة ضخمة لتحقيق نظريته، فقد كان من المتوقع حدوث كسوف للشمس فى مايو سنة١٩١٩ م عندما يمر القمر بين الأرض والشمس، وينتج عن ذلك أن تعتم السماء فى وقت النهار، وترى النجوم القريبة من الشمس بوضوح، فإذا كانت النظرية صحيحة، فإن تلك النجوم لا تظهر فى مواقعها الطبيعية لكنها يجب أن تظهر مزاحة قليلا نتيجة جذب الشمس للضوء المنبعث منها أثناء مروره بالشمس، ويجب أن تبين الصور الفوتوغرافية للنجوم التى يبدو أنها قريبة قربا مباشرا من الشمس إزاحة هذه النجوم عن مواقعها الطبيعية. وبعد عدة محاولات قام الفلكيون بها للتثبت من صحة هذه الظاهرة، إلا أنهم رأوا أن أينشتين كان محقا، حيث ظهرت النجوم بعد تجارب عديدة فى مواقعها الحقيقية، وأن الضوء له كتلة، وله وزن.

إننا نرى الأشياء من حولنا ونميز بين الألوان بوساطة الضوء الذى يدخل أعيننا، ونستطيع القول: إنه مهما تكن حقيقة الضوء، فنحن نستطيع رؤية ضوء صغير منه فقط .. وإحدى خصائص الضوء هى طول موجته، حيث يتكون الضوء الأبيض من مزيج من أطوال الموجات تتراوح ما بين حوالى ٠.٠٠٠٠٨سم (الأحمر) و ٠.٠٠٠٠٤ سم (البنفسجى). ويسمى هذا المدى "بالطيف المنظور" ولا ترى العين البشرية الضوء الذى طول موجته يزيد أو يقل عن هذا المدى. ويقع الضوء (الأحمر) فى المنطقة التى يزيد فيها طول الموجة قليلا على ٠.٠٠٠٠٨. سم. وينبعث هذا النوع من الضوء غير المنظور من جميع الأشياء الساخنة. ومن الممكن التقاط صور دون استخدام أى ضوء منظور، وذلك باستخدام ألواح فوتوغرافية حساسة للضوء تحت الأحمر. وكل ما يلزم للإضاءة فى هذه الحالة هو جسم ساخن مثل المكواة، تنعكس الأشعة تحت الحمراء المنبعثة من المكواة من المنظر المراد تصويره، وتدخل فى آلة التصوير حيث تكون الصورة على الفيلم الحساس للأشعة تحت الحمراء، فالأشعة تحت الحمراء مثل الضوء العادى تنعكس وتتجمع بوساطة عدسات آلة التصوير وتسقط من مكان لآخر. ويدلنا العلماء على أن الألوان ناتجة من تفسير الإحساس الواصل إلى المخ عندما يستقبل موجة ذات تردد معين، وإذا زاد التردد عند حد ما، فإننا ندخل ضمن نطاق تردد الأمواج الضوئية المرئية التى لها نفس طبيعة الأمواج اللاسلكية، فلها أيضا تردد وطول موجى تماما، كموجات اللاسلكى بالتليفزيون والرادار.

ويطلق العلماء على هذه المجموعة من الأمواج اسم "الطيف الكهرومغناطيسى" أو للاختصار اسم "الطيف ".

وتذيع محطات الإرسال العادية بتردد يكون عادة حوالى مليون اهتزازة فى الثانية، فى حين أن الضوء ينتقل بموجات متوسط ترددها ٦ ملايين اهتزازة فى الثانية.

ويمكن تشبيه العين بجهاز الاستقبال اللاسلكى حيث يمكنها أن تميز بين تردد الأشعة المختلفة، حيث إن تردد اللون البنفسجى حوالى ٧,٥ ملايين مليون اهتزازة، فى الثانية، تليه الألوان الأزرق والأخضر والأصفر والبرتقالى، وأخيرا اللون الأحمر الذى يبلغ تردد موجاته ٤ ملايين مليون اهتزازة فى الثانية.

وحقيقة الأمر أنه لا توجد فواصل محددة تفصل بين انتهاء لون وبداية لون آخر، إنم يحدث التغير بالتدريج، أى أن هناك استمراراً بين الألوان. وعندما تسقط الأشعة على عين بشرية، فإن الأشعة تصطدم بأجسام مخروطية دقيقة فى نهاية العين، حيث تستطيع بها أن تميز بين الألوان المختلفة التردد، إذ إن هناك أجساما مخروطية حساسة للون الأحمر، وأخرى للأخضر، وثالثة للأزرق والبنفسجى، فإذا استقبلت العين أشعة حمراء ذات أربعة ملايين مليون اهتزازة فى الثانية، فإن الأجسام الخاصة باللون الأحمر هى التى ترسل تيارا عصبيا إلى المخ، الذى يعطينا الإحساس بالأحمر.

وكذلك إذا استقبلت العين أمواجا ذات تردد خمسة ملايين مليون اهتزازة فى الثانية، فإنها تثير الإحساس باللون الأخضر بنفس الطريقة.

ونفس الشيء يحدث للونين الأزرق والبنفسجى وغيرهما، لذلك تسمى هذه الألوان الثلاثة باسم الألوان الأساسية. وإذا وصل إلى العين لونان: أخضر وأحمر معا، فإن العين تنقل الإحساس بكليهما فى نفس الوقت، ويحدث الإحساس باللون الأصفر. وبهذه الطريقة يمكن لنا أن نرى عددا لا نهائيا من الألوان. وضوء الشمس العادى ما هو إلا مزيج من ألوان الطيف، إذا استطعت أن تمزجها بنفس النسبة لأحسست باللون الأبيض.

(هيئة التحرير)


المراجع:
١ - آفاق العلم.- د. سيد رمضان هدارة نشرته مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر.
٢ - العلم بين يديك فى تجارب ... د. محمد صابر سليم نشرته مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر.
٣ - كنوز العلم فى أسئلة وأجوبة .. وليم فرجارا.

<<  <   >  >>