للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتشددين (١).

أما من اجتمع فيه جرح وتعديل، فإن كانا مبهمين، قدم التعديل، وإن كان الجرح مفسرا والتعديل مبهما، قدم الجرح، لأن مع الجارح زيادة علم لم يطلع عليها المعدل، وإن كان التعديل مفسرا أيضًا بأن يقول المعدل: عرفت السبب الذي ذكره الجارح، ولكنه تاب وحسنت حالته، فإنه حينئذ يقدم التعديل (٢).

الثاني: تثبت العدالة بالاستفاضة والشهرة، فإذا اشتهر الراوي بالصدق واستقامة الأمر، والبصيرة، والفهم؛ فلا يحتاج أن يسأل عنه أئمة الجرح والتعديل؛ وذلك كالإمام مالك بن أنس، والسفيانين، وشعبة، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل، ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر واشتهار الأمر (٣).

أما ما يراه ابن عبد البر من أن كل حامل علم معروف العناية به، فأمره محمول على العدالة حتى يتبين جرحه (٤)، محتجا بما روي عنه عليه الصلاة والسلام: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف


(١) يعد الإمام أحمد بن حنبل، والدارقطني، وابن عدي من المعتدلين، كما يعد الترمذي، والحاكم من المتسامحين، ويعد يحيى القطان، وأبو حاتم، والنسائي من المتشددين.
انظر: قواعد في علوم الحديث للتهانوي ص ١٧٨ - ١٧٩، فتح المغيث ٣/ ٣٢٥ - ٣٢٦، وانظر: فتح الباري ١١/ ٤٤١.
(٢) تدريب الراوي للسيوطي ص ٢٠٤ - ٢٠٥.
(٣) انظر: الكفاية ص ١٤٧، والتحرير لابن الهمام ص ٣١٧، قواعد في علوم الحديث ص ٢١٠ - ٢١١.
(٤) انظر: التمهيد لابن عبد البر ١/ ٢٨.

<<  <   >  >>