للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليّ ... " الحديث. بقولهم: إنا نكذب له، ولسنا نكذب عليه.

ومستدلين بما ورد في بعض طرق الحديث من زيادة، وهي: "من كذب عليّ ليضل به الناس ... " الحديث (١).

ولا شك أن هذا قول متهافت عرضه يكفي عن الرد عليه، لأن تأويلهم للحديث جهل باللغة العربية مع مناقضته لإجماع من يعتد بإجماعه من المسلمين، ومع ذلك فهو في غاية السخف، فإن الدين الإسلامي ليس بحاجة إلى كذابين ودجالين ليروجوه، فقد أكمله الله تعالى قبل وفاة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى { ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ ... } الآية (٢).

وأما الزيادة التي استدلوا بها، فهي غير ثابتة، وعلى تقدير ثبوتها، فليست اللام فيها للعلة، بل للصيرورة، كما فسر قوله تعالى: { ... فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ... } الآية (٣). والمعنى: أن مآل أمره إلى الإضلال، أو هو من تخصيص بعض أفراد العموم بالذكر، فلا مفهوم له، كقوله تعالى: { ... لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً .... } الآية (٤). وقوله { ... وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ} الآية (٥).

فإن قتل الأولاد، ومضاعفة الربا، والإضلال في هذه الآياتِ إنما هو


(١) أخرجه البزار من حديث ابن مسعود./ انظر كشف الأسَتار من زوائد البزار ١/ ١١٤، مجمع الزوائد ١/ ١٤٤.
(٢) الآية ٣ من سورة المائدة.
(٣) الآية ٩٤٤ من سورة الأنعام.
(٤) الآية ١٣٠ من سورة آل عمران.
(٥) الآية ١٥١ من سورة الأنعام.

<<  <   >  >>