للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لتأكيد الأمر فيها، لا لاختصاص الحكم (١).

قال الغزالي: وقد ظن ظانون أنه يجوز وضع الأحاديث في فضائل الأعمال، وفي التشديد في المعاصي، وزعموا أن القصد منه صحيح، وهو خطأ محض؛ إذ قال -صلى الله عليه وسلم-: "من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". وهذا لا يرتكب إلا لضرورة، ولا ضرورة إذ في الصدق مندوحة عن الكذب، ففيما ورد من الآيات والأخبار كفاية عن غيرها، وقول القائل: إن ذلك قد تكرر على الأسماع، وسقط وقعه، وما هو جديد فوقعه أعظم، فهذا هوس، إذ ليس هذا من الأغراض التي تقاوم محذور الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعلى الله تعالي، ويؤدي فتح بابه إلى أمور تشوش الشريعة، فلا يقاوم خير هذا شره أصلا، والكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الكبائر التي لا يقومها شيء، نسأل الله العفو عنا وعن جميع المسلمين (٢).

إذا تقرر هذا، فمن كذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمدا في حديث واحد فسق، وردت رواياته كلها، وبطل الاحتجاج بها جميعا.

فإن تاب من ذلك فقد اختلف العلماء في قبول روايته على قولين:

الأول: ذهب جماعة من العلماء، منهم الإمام أحمد بن حنبل، وأبو


(١) انظر: فتح الباري ١/ ٢٠٠.
(٢) إحياء علوم الدين للغزالي ٣/ ١٣٦، وانظر: شرحه إتحاف السادة المتقين ٧/ ٥٢٧ - ٥٢٨.

<<  <   >  >>